خلق الله تعالى الانسان للعبادة وجعله ممتحنا في هذه الدنيا بالأحكام الشرعية كالأوامر والنواهي وبناء على نتيجة هذا الامتحان تكون عاقبة الانسان من النعيم أو الجحيم “وما خلقت الانس والجن الا ليعبدون الذاريات 56”.
والعقل كما يعرفه البعض هو آلة الادراك والتميبز عند بني البشر، وهو رغم مكانته يظل محدودا “يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا” الروم7.
المتأمل في كتب أهل العلم يجد تباينا واضحا في تعريفهم للعقل الا أنهم يجمعون على محدوديته وقصوره، بل هو غير قادر عندهم على استخدام ما تنقله اليه الحواس في محاولته الوصول الى بعض الأشياء المجهولة.
كما يؤكد آخرون انه لا يستطيع أن يخبرنا عن الأمور المهمة والتافهة في حياتنا. ويضيفون أنه بنية يسهل خداعها، فحين نزوده بمعلومات خاطئة فإنه يقع في الخطأ بسهولة، إنه قادر كذلك على البحث عن الأدوات والأشكال والأساليب وكل الأمور المحدودة، لكنه غير قادر على البحث في مصيره الذاتي.
ما قيل ويقال الآن وسيقال غدا عن العقل البشري الذي هو من وضع الخالق عز وجل كثير جدا الا أنه محدود الطاقة كما أسلفنا القول من قبل بل هو قابل لأعطاب واخطاء لا حد لها ولا نهاية ولعل أخطرها وأكثرها وضوحا عصيانه في أمور كثيرة للخالق عز وجل الذي خلقه وأوجده.
لم يدرك العقل البشري عظمة خالقه ومنشئه وبالتالي ضرورة عدم الخروج عن طاعته عز وجل وتطبيق كل ما طلب منه من خير والابتعاد عن كل ما نهاه عنه من شر حتى أنه وصف من طرف الحكيم المهاتما غاندي بالقول ” إن العقل شيء عظيم حقا ولكنه يصبح غولا كريها اذا أدعى لنفسه أنه قادر على كل شيء، محيط بكل شيء، وإن نسبة هذه القدرة اليه نمط رديء من الوثنية فالعقل عند هؤلاء العقليين وثني يعبد كما يعبد الوثني حجرا او نصبا، ويعتقد فيه انه اله.
هذا عن العقل البشري الذي هو من صنيعة وخلق الله عز وجل أودعه في الانسان الذي جعله خليفة له في الأرض وأمر الملائكة بالسجود لأبيه آدم عليه السلام.
أما عن الذكاء الإصطناعي فما يقال عنه مما أصبح مصدر رعب وقلق للبشرية فهو أكثر من أن تستوعبه هذه الزاوية.ما أريد قوله أنه اذا كان العقل البشري مما كرم الله به الانسان وفضله عن كثير من خلقه فأحسن خلقه كثيرا ما يجنح بصاحبه الى ما يصير فيه حتفه وهلاكه فماذا سنقول عن ذكاء اصطناعي خلقه هذا الانسان الذي قال فيه الشاعر العربي
الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد
ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ
من لم يكن عقله أغلب خصال الخير عليه صار حتفه في أكثر خصال الشر عليه.
لقد خرج العقل البشري منذ خلق الانسان عن طاعة خالقه عز وجل وانغمس في معصيته في أمور شتى لعل أكبرها خروج آدم وحواء من الجنة، فأخشى أن يجر هذا الذكاء الاصطناعي اللعين خالقه الانسان الى فنائه بحرب لا تبقي ولا تذر.
مع التأكيد طبعا على ان الذكاء الاصطناعي يبقى درجة كبيرة من درجات التطور الإنساني المدهش، ونتمنى ان تكون ايجابياته على عالمنا أكبر بكثير من سلبياته.
كتبت : حجيبة ماء العينين