الدعوة إلى سن قانون جديد يؤطر الجريمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية

 دعا المشاركون في ندوة علمية وطنية حول “السياسة الجنائية في مجال الصحة النفسية والعقلية: الواقع والآفاق”، نظمت يومي 30 و31 ماي بفاس، إلى سن قانون حديث يؤطر بشكل أفضل الجريمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية.

وفي كلمة خلال هذا اللقاء، أكدت ممثلة المديرية الإقليمية للصحة والحماية الاجتماعية بفاس، رتيبة العيادي ، أن الظهير رقم 1.58.29 الصادر سنة 1959 لا يزال يشكل “الإطار القانوني الوحيد الذي ينظم هذا المجال في المغرب”، معتبرة أن تقادمه يشكل عائقا كبيرا.

وأشارت إلى أن النظام الصحي يعاني من تأخر كبير، حيث يوجد أقل من طبيب مختص في الطب النفسي لكل 100 ألف نسمة، مقابل متوسط أوروبي يبلغ 9.4 أطباء نفسانيين لكل 100 ألف نسمة.

وأبرزت أن هذا النقص في الأطر المختصة يترافق مع “صور نمطية اجتماعية وصماتية داخل فئات واسعة من المجتمع المغربي”، حيث تظل الأمراض النفسية من الطابوهات، مما يدفع الأسر نحو ممارسات الشعوذة.

ولمواجهة هذا الوضع، أوضحت العيادي أن وزارة الصحة شرعت في تنفيذ استراتيجية إصلاحية، تتضمن تخصيص 123 منصبا مالي ا برسم سنة 2024-2025، من بينها 34 طبيبا نفسيا و89 ممرضا متخصصا. كما يشمل المخطط الاستراتيجي الوطني متعدد القطاعات للصحة النفسية في أفق 2030 تعميم الخدمات المتكاملة وتطوير وحدات الاستشارة الخارجية.

وأضافت أن فاس تتوفر حاليا على ثلاث مؤسسات متخصصة في الرعاية، وهي مستشفى ابن الحسن (83 سريرا)، ووحدة الصحة النفسية بباب الجديد (5000 استشارة خلال سنة 2024)، ومركز الإدمان بحي طارق.

وفيما يتعلق بولوج السجناء لخدمات العلاج والرعاية الصحية، قد م مدير السجن المحلي رأس الماء، والمندوب الجهوي بالنيابة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، عز الدين شفيق، الاستراتيجية المتكاملة التي تم اعتمادها لتحسين ولوج النزلاء إلى هذه الخدمات، بالاستناد إلى المادة 102 من القانون 23.10 التي تحدد دور الأخصائيين النفسانيين داخل المؤسسات السجنية.

وأكد أن المندوبية العامة أعدت، بشراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ومكتب منظمة الصحة العالمية بالمغرب، دليلا مرجعيا حول الصحة في الوسط السجني، من أجل ترسيخ إطار يتماشى مع المعايير الدولية.

من جانبه، أبرز سعيد الوردي، مدير مختبر الدراسات القانونية والتحول الرقمي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، أن هذا اللقاء الذي جمع أطباء نفسانيين، وعلماء نفس، وسوسيولوجيين، وقضاة، ومحامين، كان الهدف منه تشخيص الوضع القائم واقتراح توصيات ملموسة للسلطات العمومية.

وقد م المشاركون توصيات ترتكز على ثلاث أولويات: سن قانون حديث يتماشى مع دستور 2011 والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، ووضع سياسة عمومية تستهدف الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية، وتعزيز التغطية الصحية في مجال الطب النفسي.

ووفق ا للمنظمين، فإن الهدف من هذا الملتقى هو “الخروج من وضعية لم تعد ملائمة للتطورات الدولية في مجال الصحة النفسية”، والعمل على بلورة مقاربات حديثة للرعاية والوقاية تضمن في آن واحد حقوق الأشخاص المصابين بأمراض عقلية وأمن المواطنين.

وقد ن ظم هذا الحدث، الذي ركز على التحديات المعقدة التي تربط الصحة النفسية بالعدالة الجنائية، من طرف مختبر الدراسات القانونية والتحول الرقمي، بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة فاس-مكناس، وبتنسيق مع المندوبية الإقليمية للصحة والحماية الاجتماعية بفاس والمرصد المغربي للسجون.

المصدر ميديا : و م ع

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد