أكد الحسين الشعبي، نائب رئيس التعاضدية الوطنية للفنانين، أن بلاغ هذه الأخيرة الصادر نهاية الأسبوع الماضي “واضح ولا غبار عليه، يحاول التظلم لرفع الضرر فقط لا غير، خصوصا أن التعاضدية سبق لها أن راسلت وزير الشغل أكثر من مرة تلتمس منه استقبال وفد عنها والإنصات له بدل الإنصات لصوت واحد ضعيف جدا في أطروحاته ودفوعاته”.
وقال الشعبي في تصريحه لـ “المصدر ميديا” أن “بلاغ التعاضدية واضح في هذا الباب، ولاسيما ما يتعلق بالأسئلة التي تطرحها حول مقصدية هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (لاكابس) ووزارة الشغل والإدماج المهني في خلق تشنجات في الوقت الذي عادت فيه الأمور إلى نصابها داخل التعاضدية الوطنية للفنانين بعد هدر وقت كبير في خلافات تنظيمية والتي تبقى على كل حال شؤون داخلية للتعاضدية”.
فمن حق أبسط ملاحظ موضوعي، يضيف نائب رئيس التعاضدية الوطنية للفنانين “أن يتساءل بدوره على هذا النوع من التدخل من قبل الإدارة في قرارات اتخذتها هياكل التعاضدية بكل استقلالية، والحال أن الجهة الوحيدة، في نظرنا، الموكول لها التدخل للقول الفصل هي العدالة في حالة ما تم تقديم طعن ما في مسطرة اتخاذ القرارات أو ما شابه ذلك”.
وتابع نفس المتحدث قائلا: “نحن لا نفهم رغبة الوزارة في الإبقاء على الرئيس السابق ضدا على إرادته الشخصية بعد أن قدم استقالته وطلب إعفاءه رسميا أمام جمع عام للمناديب هو من دعا إليه وأشرف على ترؤسه وتسييره بإلحاح من الوزارة نفسها رغم كونه مستقيلا”
وأوضح الشعبي: “عندما استجبنا لرغبة الوزارة هذه فاجأتنا مرة أخرى بالرفض”، متسائلا: “في هذه الحالة ألا يحق لنا التساؤل ماذا تريد الوزارة؟… هل تريد تعيين رئيس بإرادتها ضدا على القوانين وضدا على حرمة الهياكل المنتخبة ديمقراطيا؟ أم أنها تنوي الاستغاثة بالفصل 26 من قانون التعاضد الذي تلو جبه في الكواليس لتتمكن من تجميد هياكل التعاضدية وتعيين متصرفين لتسييرها والإشراف على مؤتمرها القادم؟”.
وشدد الحسين الشعبي على أن محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني “مطالب بالتدخل من أجل إنهاء هذا العبث”، معتبرا أنه “ثمة أجهزة وجهات داخل دواليب الوزارة تورط الإدارة في أعمال لا قبل لها بها، ولا يمكن بالتالي أن تصنف إلا ضمن أساليب الشطط في استعمال السلطة”.
وأشار نائب رئيس التعاضدية الوطنية للفنانين إلى أنه “لم يسبق لا للوزارة الوصية ولا لهيئة “لاكابس” أن سجلتا على التعاضدية أي نوع من الاختلالات المالية أو سوء تدبير مالي، أبدا.. وإذا كانت لهما النية في التشكيك في التدبير المالي فنحن على أتم الاستعداد، وندعوهم لإجراء فحص مستعجل لمالية التعاضدية، وإذا وقفوا على أدنى خلل أو اختلال ءانذاك يحق لوزارتي الشغل والمالية إعمال الفصل 26 من مدونة التعاضد، بل واللجوء إلى القضاء، هذا مع العلم أن تعاضدية الفنانين المغاربة شفافة وتضع سنويا كل حساباتها وتقاريرها المالية لدى الوزارة الوصية، ووزارة المالية، ولاكابس، والمجلس الأعلى للحسابات، والجهات المانحة وعلى رأسها وزارة الشباب والرياضة بقطاعيها في الثقافة والاتصال، والمركز السينمائي المغربي. ولا جهة واحدة من هذه الجهات المذكورة شككت يوما في الذمة المالية أو التدبير المالي”.
وأبرز الشعبي أنه “يتعين على الوزير استقبال رئيس ومكتب التعاضدية والإنصات وتبادل الإنصات والخروج بخلاصات معقولة وليس بقرارات إدارية على خلفيات غير مفهومة ولا تعني الفنانين في شيء”.
وكانت التعاضدية الوطنية للفنانين، قد أعلنت عن تلقيها مؤخرا تقريرا من طرف الكاتب العام لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي “ينطوي على سيل من المغالطات والادعاءات استنادا على ما سماه شكوى توصل بها من قبل أحد الأعضاء المستبعدين من التعاضدية”.
وحسب ما ذكره بلاغ التعاضدية، فإن هذه الأخيرة تلقت أيضا “وابلا” من الرسائل من وزارة الشغل والإدماج المهني، باعتبارها السلطة الحكومية الوصية على قطاع التعاضد، ومعها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، معتبرة أنهما “يتجاوزان فيها اختصاص وعمل السلطة القضائية من خلال إصرارهما المتواصل على التدخل في الشؤون الداخلية والتنظيمية للتعاضدية، منذ سنة 2018 إلى اليوم”.
واعتبرت التعاضدية أن تدخلات الجهتين معا “محاولة الطعن في الانتخابات النزيهة التي أسفرت عن انتخاب رئيس جديد لها، خلال جمعين عامين بتاريخ 4 يوليوز 2020 و29 غشت 2020، بعد موافقة وتصويت 19 مندوبا من أصل 23 بما شكل الأغلبية الساحقة للمناديب الممثلين لقاعدة الفنانات والفنانين المغاربة المنخرطين”.
ووجه ذات البلاغ اتهامات إلى وزارة أمكراز، بـ”الإصرار على اعتبار امحمد يونوس (الحاج يونس) الرئيس الوحيد، إلى درجة إحراجه ضدا على إرادته الشخصية، وذلك رغم استقالته لمرتين وتسليمه للمهام وتبادل السلط بينه وبين الرئيس الجديد للتعاضدية عبد الإله أمزيل، وكذا حضوره رفقته أمام لجنة المنازعات القانونية لدى البنك بصفته مستقيلا عن رئاسة التعاضدية قبل إجراء العملية الانتخابية”.
وأعربت التعاضدية عن استغرابها من موقف الوزارة في الوقت الذي استطاع فيه المكتب المسير الحالي “تجاوز كل الصعوبات التي كان يعيشها المكتب السابق ووضع حد لكل الشكايات الجنحية والقضايا المدنية بتنازل أصحابها وإجراء صلح تاريخي موقع عليه من طرف جميع الفرقاء وفي مقدمتهم الرئيس السابق الحاج يونس، الذي دعا بصفته رئيسا لعقد جمع عام استثنائي يوم 29 غشت 2020، تقدم فيه أمام المندوبين بتلاوة استقالة مكتوبة ملتمسا فيها إعفاءه بصفة نهائية من مهمة الرئاسة وحظي ملتمسه بالمصادقة”.
وأوضح المصدر ذاته أن عدم تسليم الوزارة الوصية ومعها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي التسليم بنتائج الانتخابات يعد “ضربا لعمل السلطة القضائية التي لها وحدها الحق في القول بصحة أو ببطلان الانتخابات بعد أن يتقدم من له الصفة والمصلحة بالطعن مع تمكين الجهة المطعون ضدها بحق الدفاع”.
وتسائل البلاغ، عما الذي تريده وزارة الشغل والإدماج المهني بعد أن “تمت تصفية الأجواء داخل هياكل التعاضدية وعودة الأمور إلى نصابها”، وكذا عن “هدفها من إلحاحها على رفض كل مساعي الصلح والتفاهم التي أسفرت عن أجواء جديدة وسليمة يستفيد فيها كل المنخرطين من حقهم في التغطية الصحية بدون استثناء”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن تدخلات الوزارة تدل على “رغبتها في تطبيق المادة 26 من قانون التعاضد واستبدال الانتخاب بالتعيين، بالالتجاء لمسطرة تعيين متصرفين لتسيير شؤون التعاضدية بدل الهياكل المنتخبة ديمقراطيا”، معتبرا أن الوزارة تحاول الزج بالموضوع في أجندات سياسوية صرفة ولا سيما مع اقتراب الانتخابات التشريعية، لافتة إلى أن “هذا السلوك الغريب يضر بمصلحة الفنانين البعيدين كل البعد عن كل التجاذبات الحزبية”.
وأبرز البلاغ أن التعاضدية “ستقف سدا منيعا للتصدي، بكل وعي ومسؤولية لكل محاولات تدخل الإدارة في الشؤون الانتخابية والتنظيمية الداخلية لها، وفي أعمال السلطة القضائية التي تبقى المرجع الأساس في هذا الشأن”.
وطالبت التعاضدية الوطنية للفنانين وزارة الشعل والإدماج المهني ومعها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي بـ “احترام الإطار العام السليم والمستقل والديمقراطي، واحترام إرادة الفنانين بما يخدم مصلحتهم في توفير التغطية الصحية والحماية الاجتماعية لفائدتهم ولفائدة ذوي الحقوق بدل تحويل التعاضدية إلى خلفية لمصالح آنية صرفة وضيقة”.