“الحريك” والرغبة المكبوتة لـ80% من المغاربة لإلتحاق بـ”الإلدورادو” الموعود

طفا إلى السطح نقاش محموم بعد الكم الهائل من المقاطع المصورة وسط الامواج، التي توثق فرحة الشباب وهم يغادرون ارض الوطن، لمعانقة “إلدورادرو” الحلم الموعود.

الفيديوهات لم تكن إلا وجه الواقع الذي دقت مؤشرات سابقة خطر الرغبة في الهروب من واقع “الحكرة”، فغير بعيد كشفت دراسة أمريكية، أن المغاربة سجلوا أكبر المعدلات المتعلقة بالمغادرة من أجل العمل خارج المملكة، مقارنة مع المستويات العالمية، بسبب عدم الرضى عن العمل بالوطن.

ووفق موقع “إيكو نيوز” فإن المسح الجديد الذي أجرته كل من مكتبي الدراسات الأمريكيين “بوسطن الإستشارية” (BCG) و The Network يفيد أن 80 بالمائة من الساكنة النشيطة بالمغرب تطوق الى مغادرة البلاد من أجل العمل، وهو رقم تجاوز بنسة كبيرة المعدل العالمي الذي لا يتجاوز 57 بالمائة.

وشمل مسح Global Talent Survey حسب المصدر ذاته أزيد من 360 ألف شخص موزعين على 198 بلدا، وضمنهم 6721 مواطنا مغربيا أبدت نسبة كاسحة منهم عدم رضاها عن العمل في البلاد.

وبخصوص البلدان التي يفضلها المغاربة كوجهات للعمل، فقد جاءت فرنسا وكندا وألمانيا في الطليعة، وفق ما أورده المسح المذكور.

وتنضاف هذه الدراسة الى سابقتها التي أنجزت من طرف بوابة التوظيف Rekrute.com التي كشفت أن 91 في المئة من المغاربة يريدون مغادرة المغرب والاستقرار في الخارج من أجل العمل.

وكانت الدراسة قد أوضحت أن المغاربة أقل من 35 سنة يرغبون في مغادرة المغرب من أجل تحسين عملهم بنسبة 66 في المئة، فيما عبر 56 في المئة من المستطلعين أنهم يتطلعون للهجرة من أجل ضمان جودة عيش وبيئة عمل أفضل.

وأوضحت بوابة التوظيف، أن 37 في المئة من المغاربة يرغبون في العيش في كندا، التي تتصدر الدول الثلاث الأكثر جاذبية في التصنيف العالمي، في الوقت الذي تراجعت فيه فرنسا إلى المرتبة الثانية، وحلت ألمانيا في المرتبة الثالثة والولايات المتحدة في المرتبة الرابعة.

على حْساب الحرية والعيش الكريم”، و”باي باي الحسيمة”، هكذا كرر شاب مغربي العبارتين وهو يوثق بكاميرا هاتفه عملية هجرة أزيد من 12 شابا إلى إسبانيا، عبر قارب للهجرة السرية، في وقت سابق من الشهر الماضي، العبارة التي كشفت واقع الحلم المأمول بجنة “الإلدورادو” الذي يخالج أغلب شباب المملكة، ويدفع بالآلاف منهم نحو معانقة قوارب الموت.

الأزمة الغير المعلنة، كشف عنها واقع البطالة وخصوصا بطالة حاملي الشهادات الجامعية التي تضاعف 3 مرات خلال السنوات الخمس الماضية، والتي تُمثل ضعف معدل البطالة العامة في البلاد، وتتجاوز حاليا نسبة 22 بالمائة، وهو ما يعني أن حامل الشهادة الذي من المفترض أن يجد منصب شغل محرك لدورة الاقتصاد، أصبح اليوم يشكل مؤشرا لتحريك الأخطار والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وأقرب للبحث عن الهجرة من غيرها بكل الطرق الممكنة.

وحذرت المندوبية السامية للتخطيط، من الارتفاع المهول لنسب البطالة في صفوف الشباب اليافع، إذ تراجع معدل التشغيل من 46 في المائة سنة 2000 إلى 42 في المائة سنة 2017، في الوقت الذي يشكل فيه الشباب الذين بلغوا سن الشغل ثلثي سكان المغرب.

وقالت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرتها الإخبارية الأخيرة حول سوق الشغل خلال الفصل الثاني من العام الجاري، إن أعلى مستويات البطالة سجلت بكل من جهة كلميم- واد نون (19 في المائة) والجهة الشرقية (15.4 في المائة)، بينما سجلت أدنى مستوياتها بجهتي درعة تافيلالت (4.3 في المائة) وبني ملال خنيفرة (5.3 في المائة). ووفقا للإحصائيات ذاتها، فإن ثلاثة أرباع العاطلين يتمركزون بخمس جهات أساسية، تأتي البيضاء سطات في مقدمتها بـ 24 في المائة من العاطلين، متبوعة بالرباط سلا القنيطرة (16.3 في المائة)، وكذلك فاس مكناس (11.5 في المائة)، ثم الجهة الشرقية (11.2 في المائة).

وحسب أرقام منظمة الهجرة الدولية، فقد وصل إلى السواحل الإسبانية، خلال الشهور المنصرمة من السنة الجارية، حوالي 23 ألف لاجئ بحرا، في حين لقي 307 مهاجرين مصرعهم أثناء محاولة الهجرة.

وكشف تقرير نشرته منظمة الشرطة الأوروبية “Europol”، فإن مافيات الاتجار بالبشر عبر “قوارب الموت” حققت أرباحا مالية خيالية، خصوصا في ظل قيام كل من إيطاليا واليونان ومالطا بتشديد الحراسة على حدودها البحرية ومنع وصول المهاجرين إليها عبر المتوسط، وتعزيز المراقبة الأمنية على السياجين الحديديين الشائكين المحيطين بمدينتي سبتة ومليلية…

وأكدت ذات المصادر أن عدد المهاجرين الوافدين على سواحل إقليم الأندلس مرورا بمياه مضيق جبل طارق ارتفع بنسبة 163 في المائة منذ تاريخ تسليم 116 مرشحا للهجرة السرية إلى السلطات المغربية.

وفي ذات السياق إرتفعت أصوات العديد من المسؤولين الأوروبيين لذق خطر “الهجرة السرية”، داعية إلى ضرورة إلتزام الاتحاد الأوروبي بتخصيص الدعم المالي واللوجستي لدول شمال إفريقيا، نظير جهودها في مكافحة الشبكات الإجرامية بشتى أنواعها ومراقبة الحدود.

واقع الأزمة الغير معلنة والذي تؤكده مؤشرات القياس الوطنية والدولية، يطرح سؤالا عريضا عن متى سيحين الوقت لتطلق المملكة سياسة “إرادة حقيقية” لإنهاء أزمة الرغبة في افنتقال إلى ضفة “الإلدورادو الموعود”.

 

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد