الحاجة إلى أدب للأطفال

المصدر ميديا : عبد الله المتقي

بداية، دعونا نتفق على أن الكتابة للأطفال مغامرة ، وتحتاج إلى حرفية عالية وخبرة في علم النفس والاجتماع واللغة والأدب ، اذ لا تقل أبدا عن مثيلتها للكبار ، بل لربما كانت مسؤولية تربوية وثقافية ، وليست مجرد ورشة للتجريب وأهدافا تجارية خاصة على حساب الفن والطفولة .

لهذا وذاك ، تعين بلاد العالم التي تحترم طفولتها ، مختصين وخبراء على كل ما ينتجه الأدباء للأطفال ، ومن ثمة الترخيص بتداول الكتب التي أثبتت قدرتها على الإبداع .

بيد أن ما يحدث عندنا ، هو استسهال الكتابة للصغار ،ومن ثمة المغامرة في إنتاج قصائد وقصص ومسرحيات دون أدنى دراية بشروط هذه الكتابة فمعظمها تفتقر لخلفية أدبية أو خبرة فنية دون حسيب ولا رقيب ، وكل ما تتغياه هو حسن النية أو مكاسب تجارية سريعة لان كتب الأطفال هي الأكثر مبيعا في سوق القراءة .

فيوميا تمطر المطابع بكتب ومجلات مصورة وبالألوان وأخرى غير ملونة ، لكن مجرد قراءتها بعين فاحصة وعارفة تكون الصدمة بأن ” تيماتها ” تكاد تكون واحدة ورتيبة ، وتجتر نفس الأساليب الموغلة في التقليد والسطحية والتقريرية والوعظية ولا تحترم قدرات الصغار ، هكذا نلفي رفوف ملأى بهذه الكتب التي لا تعدو أن يكون جلها جملا خطابية بلهجة أبوية آمرة ناهية وغاليا متسلطة ، وأخرى عربات فضائية مخيفة وعوالم حالمة وعائمة في التجريد الفوضوي المستعصي على فهم الطفل ، والأقسى منه تلك الأخطاء النحوية والصرفية والإملائية واللغوية التي تمتلئ هذه الكتب والمجلات ، مما ينقض صفاء اللغة عند الطفل ويسيء لمقروئيته .

لقد آن الأوان لإيقاف هذه الكتب التي تسيء للطفولة بإنتاجاتها المتسرعة التي تروم الربح على حساب الفن والطفولة ، وكذا كبح جماح الفضوليين وأنصاف المواهب بإدخال الكتب الصادرة لمختبرات النقد المباشر ، حتى لا يظل الطفل ورشة للتجريب ووعاء لاستقبال هذه البضاعة بكل غثائها وزبدها ….

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد