ترأس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اجتماعًا يوم الثلاثاء، بمقر رئاسة الجمهورية لتقييم الوضع الاقتصادي للبلاد، بعد الانهيار الحاد لأسعار النفط في الأسواق الدولية.
وأكد بيان للرئاسة الجزائرية مساء يوم أمس الثلاثاء، إنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ترأس “بمقر رئاسة الجمهورية اجتماع عمل خصص لتقييم الوضع الاقتصادي للبلد غداة الانهيار الحاد لأسعار برميل النفط في الأسواق الدولية، بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي كنتيجة لانتشار وباء فيروس كورونا، و القرار أحادي الجانب الذي اتخذته بعض الدول الاعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبيب) و القاضي ببيع انتاجها من النفط الخام بتخفيضات حادة جدًا”.
وأعطى تبون توجيهاته من أجل مواجهة هذا الظرف الصعب الذي تتوفر الدولة على الامكانيات الوطنية اللازمة لمواجهته، مصدرا تعليمات للوزراء في الاجتماع من اجل اتخاذ جميع الاجراءات اللازمة للحد من اثار هذا الظرف المضر بالاقتصاد الوطني وكذلك حتى لا يتأثر المواطن باي حال من الاحوال، سواء في دخله أو في حياته اليومية.
ووجه الرئيس الجزائري وزير المالية بان يقدم في اقرب وقت ممكن أول قانون مالية تكميلي بهدف رفع بعض الاختلالات التي تضمنها قانون المالية (الموازنة العامة للدولة) لسنة 2020، ليتم ادراج اجراءات من شانها معالجة الاثار المالية الناجمة عن الازمة الحالية، وتحصيل الايرادات الضريبية والجمركية غير المحصلة كما تم تكليفه بتسريع مسار انشاء بنوك اسلامية خاصة و اخرى.
وأعرب الرئيس تبون عن رفضه التام للجوء الى الاستدانة أو التمويل غير التقليدي (طبع العملة دون غطاء نقدي)، كما أصدر تعليماته لوزير التجارة من أجل ضمان تسيير كي للواردات دون أن يحرم المواطن و الاقتصاد الوطني من أي منتج كان، لما أن الدولة تتوفر على وسائل كافية لسنتي 2020 و 2021 ,و لكي لا يتعرضان لندرة في المدخلات الصناعية أو المنتجات الضرورية لحياة المواطن.
وتنبئ خبراء جيو-سياسيين بأنه من المحتمل أن يتسبب إستمرار انهيار أسعار النفط في إدخال البلاد في وضع اقتصادي “حرج” بسبب اعتمادها بشكل شبه كلي على عائدات النفط، في ظل التبعية المفرطة لعائدات النفط، التي تمثل 93 بالمئة من إيردات البلد من النقد الأجنبي، والتي تقلصت بالفعل إلى النصف في السنوات الخمس الأخيرة أي بنحو 30 مليار دولار في 2019، بعد أن نزلت احتياطيات النقد إلى أكثر من النصف في الفترة ذاتها.
وتوقع الخبير في الطاقة والرئيس المدير العام السابق لسوناطراك عبد المجيد عطار، في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية، أن احتمال “اللجوء المكثف” للاحتياطات المالية للبلاد وارد لمواجهة الأزمة، قائلا: إن الآثار “جد سلبية على جميع التوقعات الاقتصادية والمالية بما أن قانون المالية قد تم إعداده على أساس سعر برميل نفط بـ50 دولارا”، وبالتالي فإن قانون مالية “تكميلي” لا مناص منه مع احتمال اللجوء المكثف إلى الاحتياطات المالية للبلاد، كما شدد على ضرورة التوجه حاليا وبسرعة والقيام بإصلاحات عميقة على جميع المستويات.
وحرك إرتفاع أسعار النفط بنحو 8% الثلاثاء بعد أكبر هبوط لها في 30 عاماً، كما يرى متتبعون للشأن الجزائري مخاوف من تكرار الصدمة النفطية لعام 1986، عندما نزلت أسعار النفط إلى ما دون التسعة دولارات للبرميل، متسببة في إفلاس الخزينة، خصوصا في ظل توجيه الرئيس الجزائري، في إجتماع أمس، تعليماته لمحافظ البنك المركزي لمرافقة حركة بعث النشاط الاقتصادي والقيام تحت وصاية رئيس الوزراء وبالتشاور مع وزير المالية بدفع لمخزون الذهب الجزائري كل المحجوزات الجمركية وكذلك صندوق التضامن الوطني التي تم تجميدهما منذ سنوات في حدود مستويات لا تسمح لهما بأن يكونا بمثابة ضمان، كما تم تكليف الوزير بالسهر على ضمان تسديد القروض التي منحتها بنوك في إطار الاستثمارات الخاصة.
وفقدت أسعار النفط ثلث قيمتها على خلفية انهيار صيغة الاتفاق النفطي “أوبك بلاس” الذي يضم دول منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” وروسيا التي انسحبت من الاتفاق الجمعة الماضية، بعد أن رفضت موسكو تأييد تعميق تخفيضات النفط للتأقلم مع تفشي فيروس كورونا لترد أوبك على ذلك بإلغاء جميع القيود على إنتاجها، لتهوي أسعار النفط 10%، حيث جدد التطور بواعث القلق من انهيار الأسعار على غرار ما حدث في 2014، عندما تنافست السعودية وروسيا على الحصص السوقية مع منتجي النفط الصخري الأميركيين، الذين لم يشاركوا قط في اتفاقات للحد من الإنتاج.