التعويض عن فقدان الشغل بالمغرب بين القانون والواقع

عرف المغرب في الآونة الأخيرة العديد من الإصلاحات التشريعية و المؤسساتية التي تهدف إلى تحسين المناخ القانوني للأعمال، وتأمين السلم الإجتماعي، و يندرج في هذا السياق مبادرة الحكومة إلى سن قانون حول التعويض عن فقدان الشغل بعد إدخال إصلاحات على نظام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، غير أن القراءة الأولية للتصور الذي قدمته الحكومة حول هذا القانون تثير مجموعة من الإشكاليات حول طبيعة و حدود هذا التعويض ومدى مساهمته في تحقيق الأمن القانوني و القضائي ومدى نجاعته في توفير حماية كافية ومنصفة تتجاوب مع إنتظارات الأجراء والعمال بالنظر للطابع المعيشي للأجور وخصوصيات وحساسية وضعيتهم الإجتماعية، لاسيما أن التصورات المقترحة لا تتضمن أية قواعد خاصة بحالات إنهاء عقود العمل جراء تعرض المقاولة لصعوبات مالية أو إقتصادية أو إجتماعية، بل الأكثر من ذلك فإن التصورات الحالية تبقى محدودة وغير ذات فعالية مما يجعل الحماية التي يقدمها هذا القانون تبقى محدودة و مقيدة ولا تستوعب مستحقات الأجير .

فإذا كان التعويض عن فقدان الشغل يتم في أوضاع عادية فإنه كثيرا ما يفرض نفسه كمعطى لإنقاد المقاولة من الصعوبات التي تعترضها بل و قد يكون النتيجة الحتمية في حالة التصفية القضائية ، ولاشك أن فقدان الشغل كنتيجة لإنهاء عقود العمل تترتب عليه مجموعة من الحقوق والتعويضات لفائدة الأجراء، تختلف بحسب مدى إحترام المؤاجر للمسطرة الواجبة الإتباع، خاصة و أن المشرع الإجتماعي أقر بإستحقاق الأجير لمجموعة من التعويضات متى تبث أن الفصل كان غير مبرر .

-قراءة في المادتين  53 و 59 من مدونة الشغل:

فالمادة 59 من مدونة الشغل أعطت الحق للأجير الذي فصل فصلا تعسفيا تعويضا عن الأخطار، والفصل، والضرر، حسب التسمية بمدونة الشغل والذي كان سابقا وهو الإشعار، والإعفاء والطرد التعسفي، إلا أن هذه المادة أضافت تعويضا جديدا سمته التعويض عن فقدان الشغل وهنا يجب التوقف كذلك.

فريق يرى أن هذا التعويض هو مضاف التعويضات الثلاثية وهو الإخطار، والفصل، والضرر ويصبح لدينا أربع تعويضات، وفريق آخر يرى أن هذا التعويض إنما يقصد به التعويض عن الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية أو إغلاق المقاولات .

لكن بالرجوع للفقرة الأخيرة من المادة 53 من مدونة الشغل والخاصة بالتعويض عن الفصل تنص على ما يلي:

” ويحق للأجير أن يستفيد أيضا، وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل من التعويض عن فقدان الشغل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية”.

وهكذا فهذه المادة جاءت محددة المجال لأنها تربط التعويض عن نهاية الخدمة بالفصل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية، أو هيكلية، مع اشتراط صدور نص تنظيمي يحدد كيفية التطبيق.
إذن فالمدونة في المادتين 53 و 59 قد أقرت للأجير الذي يتم فصله تعسفيا او لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية الحق في تعويض عن فقدان العمل، وهو نوع من التعويض عن البطالة أو نوع جديد من التعويضات التي تعزز نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب وقد كان هذا التعويض مطلبا طالما نادت به العديد من المنظمات النقابية في جولات الحوار الاجتماعي منذ تصريح فاتح غشت 1996، وهذا التعويض يستمر تحديده بواسطة نص تنظيمي، يتم وضعه من طرف السلطة المختصة باتفاق مع المنظمات المهنية لأرباب العمل والنقابات العمالية .

-حكومة العثماني تهدف إلى توسيع الحماية الإجتماعية للعمال:

أكد محمد يتيم وزير الشغل و الإدماج المهني بمجلس النواب أن التعويض عن فقدان الشغل هو عبارة عن نظام  أساسي يدخل ضمن  مقتضيات إتفاق 26 ماي 2011 الذي تم تفعيله في عهد الحكومة السابقة.

وقال يتيم أن الحكومة الحالية ملتزمة بتقييم نظام التعويض عن فقدان الشغل حيث أنه ممول من طرف المشغل الذي يتحمل الثلثين، ومساهمة الأجير التي تمثل الثلث بالإضافة إلى مساهمات الدولة التي تبلغ 500 مليون درهم .

كما أكد على أن حصيلة تفعيل نظام التعويض عن فقدان الشغل بلغت برسم سنة 2016 ما يقارب 113079 مستفيد مقابل 9305 سنة 2015، كما بلغت حصيلة المستفيدين 142704 مليون درهم سنة 2016 مقابل 77500 مليون درهم حيث لوحظ تراجع كبير في الإستفادة من النظام .

وأضاف يتيم أن الوزارة عاكفة على دراسة الأسباب التي أدت إلى تراجع الإستفادة من هذا النظام وكذا الملفات التي لم تستفد منه، كما أن وزراة التشغيل في حوار دائم مع المركزيات النقابية بهدف تجاوز هذا الوضع .

أما فيما يخص الوضعية الإجتماعية فإن يتيم أكد على أن الحكومة الحالية هي حكومة توسيع الحماية الإجتماعية للعمال حيث سبق لها و أن جاءت بقانون التغطية الصحية الذي سبق وأن تم التصويت عليه و قانون جديد سيتجاوز الأجراء وغير الأجراء .

-علي لطفي: “التعويض عن فقدان الشغل وسيلة للتخلص من العمال بطريقة فنية” :

أكد رئيس المنظمة الديموقراطية للشغل علي لطفي أن التعويض عن فقدان الشغل هو مشروع جديد صادر عن حكومة بن كيران و الحكومة التي أخدت عنها المشعل حكومة سعد الدين العثماني.

وقال علي لطفي بأن التعويض عن فقدان الشغل هو وسيلة جديدة لتشريع التلخص من العمال و العاملات خاصة الحالات التي فكرت في الإنخراط في تنظيم نقابي.

وأضاف لطفي أن الأجير يحصل على 75% من الحد الأدنى للأجر الذي كان يتقاضاه لمدة 6 أشهر فقط الشيء الذي لا يضمن له حقه بإعتبار أن العاطل يتوجب عليه الإنتظار على الأقل سنة أو سنتين لإيجاد عمل جديد وهذا ما اعتبره رئيس المنظمة الديموقراطية للشغل ضحك على الذقون.

وقال علي لطفي أن التعويض عن فقدان الشغل بالمغرب هو مشروع جديد لتسريح العمال والعاملات بطريقة مغلفة والدليل على ذلك وجود 143 ألف عامل و عاملة يطالبون بالتعويض عن فقدان عملهم حيث تمت تسوية 40% من ذلك العدد أما النسبة الباقية ظلت معلقة بإعتبار أن هذه الفئة الأخيرة لم يتم تسجيلها بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الشيء الذي يمنع من الإستفادة من التعويض عن فقدان الشغل بالمغرب، ويعد شرط التسجيل بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي شرطا خطيرا لأنه كان من الواجب على الحكومة أن تفرض على جميع المقاولات أن تسجل جميع عمالها بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.

وأكد  رئيس المنظمة الديموقراطية للشغل أن ضمان حق الأجير يجب أن يتجسد التعويض عن العطالة إلى حين الحصول على عمل جديد الشيء الذي تعتمده الدول الأوربية.

وختم علي لطفي قوله بتأكيده على أن  المغرب اتخد مشروع قانون الشغل كقرار ترقيعي لا فائدة منه ولاعلاقة له بالتعويض عن العطالة بالمغرب.

-التعويض عن فقدان الشغل  “حبر على ورق”:

أكد رضوان ج. أن التعويض عن فقدان الشغل يعتمد على شروط ،وانطلاقا من تجربته من خلال إشتغاله بمؤسسة خاصة فإن العديد من العاملين والعاملات خاصة الإداريين منهم لم يستفد أغلبهم من التعويض عن فقدان الشغل، وأضاف أن العديد من الأشخاص لم يجدوا عملا آخر لمدة فاقت ثلاثة سنوات خاصة كبار السن منهم، وأكد رضوان ج. على أنه حتى وإن تم تعويضهم فمدة 6 أشهر ليست كافية كمدة للتعويض عن فقدان عمل دام لعدة سنوات، كما ختم بتأكيده على أن العديد من العاملين التجؤوا إلى مهن التجارة و المهن الحرة لتغطية مصاريف أسرهم.
وقال عمر في تصريح للمصدر ميديا أنه  لا يوجد احد استفاد من مدة الإخطار او تم تعويضه عن فقدان  شغله رغم التعديلات التي لحقت مدونة الشغل إنطلاقا من تجربته المهنية.
وأضافت سليمة بن سعيد أن الأجير يشتغل ويفني عمره في العمل وإذا  تغيب لظروف قاهرة ولمدة قصيرة يرمى كأنه لم يشتغل من قبل.
وأكد إسماعيل م. على أنه لم يسبق له و أن سمع بعامل  استفاد من التعويض عن فقدان الشغل خلال مسيرته المهنية، وأن قانون التعويض عن الشغل هو فقط حبر على ورق بإعتبار أن هناك صعوبات تتخلل الإستفادة من التعويض  أهمها عدم تسوية الوضعية القانونية للعامل من طرف المشغل، أما إذا استفاد العامل من التعويض  ففي نظره تبقى مسألة جيدة بالنسبة إليه بإعتبار أن  التعويض مهما قَلّت قيمته يظل أرحم من أن لا يستفيد منه أبدا .
أما حنان ب. البالغة من العمر 35 سنة فأكدت على أنها اشتغلت لمدة 4 سنوات بمعمل للنسيج،  وبعد مرور الشركة بأزمة مالية قامت بتسريح عمالها والتي كانت من ضمنهم وأكدت على أنها لم تستفد من التعويض عن فقدانها للشغل خاصة أنها لم تكن مسجلة بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، كما أشارت إلى أنها لم تجد عملا منذ ما يزيد عن سنة.
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد