تخلد هذه السنة الذكرى 42 للمسيرة الخضراء، في ظل وضع عام يشير إلى تحولات دولية بخصوص قضية الصحراء المغربية، ودعم كبير من المجتمع الدولي لمخطط الحكم الذاتي.
وضع أملته مجموعة من التحولات الداخلية والخارجية، كان أبرزها موقف قيادات جبهة البوليساريو الإنفصالية من “الأزمة الكاتالونية”، التي التزمت الصمت بعد ان وجدت نفسها مابين مطرقة الإعتراف بإستقلال كتالونيا، وسندان إعلانها عن مساندة أكبر وأقوى مسانديها “إسبانيا”، وكذا رفض أوروبا وأمريكا الإعتراف بإنفصال الإقليم، وضربا لأحد مرتكزات دفاع الجبهة عن تواجدها الوهمي بـ”تقرير مصيرها”.
الأزمة الكتالونية-الإسبانية لم تكن النقطة التي أفاضت الكأس، بل إن الوضع المتأزم الذي اصبحت تعيشه الجبهة ظهر جليا منذ قرار مجلس الأمن رقم 2351 (2017) في جلسته 7933، المنعقدة في 28 أبريل 2017، بخصوص “أزمة الكركرات”، والذي رحب ضمنه المجلس ” بالخطوات والمبادرات الأخيرة التي اتخذها المغرب والدور الذي تؤديه لجنتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان اللتان تعملان في الداخلة والعيون، وبتفاعل المغرب مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”، وتعبيره الصريح عن قلقه البالغ حول ” استمرار الصعوبات التي يواجهها اللاجئون الصحراويون واعتمادهم على المساعدة الإنسانية الخارجية، وملاحظته كذلك حول ” نقص التمويل بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في مخيمات تندوف للاجئين والخطر المتمثل في إمكانية حدوث حالات انخفاض في المساعدة الغذائية”، وتأكيده على ضرورة “تسجيل اللاجئين في مخيمات تندوف” خاصة بعد رفض البوليساريو مدعوما بحليفه التاريخي الجزائر الكشف عن عدد المحتجزين الذين أصبحت أوضاعهم تنذر بواقع إنساني متأزم، كشفت عنه الأصوات الدولية المنادية بالتدخل العاجل والفوري لإطلاق سراح المحتجزين، خاصة ما خلفته قضية “المعلومة موراليس” من رفض دولي بعد إمتناع جبهة البوليساريو عن إطلاق سراحها.
كما أصبحت مخيمات المحتجزين انطلاقا من تمركزها كقاعدة للاتجار غير المشروع بجميع أنواعه وكذا الاختطاف والتواطؤ المؤكد مع الجماعات الإرهابية التي تهدد بتقويض الاستقرار في المنطقة، والتي شكلت مؤشر قلق واضح فيما يتعلق بتأثير هذه الأفعال على الوضع الأمني الإقليمي والدولي، خصوصا بعد تحذيرات العديد من الخبراء من أن وجود مخيمات تندوف في جنوب غرب الجزائر يشكل خطرا على المجتمع الدولي، خاصة بعد عمليات الاختطاف والمطالبة بالفدية، التي تنفذها ميليشيات البوليساريو، والتي اصبحت الآن موثقة بشكل دقيق من قبل خبراء أمريكيين ودوليين.
من هنا تظهر أغلب المؤشرات على أن جبهة البوليساريو أصبحت في وضع حرج، أمام إنكشاف حقيقتها دوليا، وأمام التحولات الجديدة التي فرضها الوضع الكاتالوني على ما بات يعرف بـ”حق تقرير المصير”، والذي أصبح يشكل تهديدا داخليا قد ينفجر في أي وقت عبر مطالبة أقليات داخل مجموعة من الدول الأوربية والأمريكية عن رغبتها في الإنفصال عن بلدانها الأم، وكذا الاختيارات الجديدة التي إعتمدتها المملكة بعد العودة التاريخية لمنظمة الاتحاد الإفريقي بعد غياب لـعد 32 سنة، في قطع مع سياسة “الكرسي الفارغ”، المدعومة بسياسة تنموية أساسها “التعاون جنوب-جنوب”.