الإنتاجات الرمضانية المغربية: “الحموضة” والتكرار يدفعان بالمشاهد إلى الفرار

ككل سنة، تراهن القنوات التلفزيونية المغربية، خلال شهر رمضان المبارك، على الإنتاجات الدرامية والكوميدية بمختلف أشكالها وأنواعها، من أجل تقديم الفرجة للمشاهد، وسط كم هائل من الانتقادات التي تصف غالبية هذه الإنتاجات بـ “الضعيفة فنيا”.

وتتنوع الإنتاجات التي تقدمها القنوات الوطنية للجمهور بين أشرطة وكبسولات، وسيتكومات ومسلسلات، وذلك بهدف ضمان نسبة كبيرة من المشاهدة خلال الشهر الفضيل، والتي استمرت رغم أزمة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد 19).

ويتجدد كل سنة النقاش حول مستوى البرامج وجودة المحتوى الذي تعرضه القنوات التلفزية المغربية خلال شهر رمضان المبارك، والذي يعرف نسب مشاهدة قياسية، خاصة وأن هذه السنة يتزامن مع قرار فرض حظر التنقل الليلي الذي يدخل ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمحاصرة الوباء، وهو الأمر الذي يعني أن المغاربة سيقضون وقتا أطول أمام شاشات التلفاز.

وتوجه الانتقادات في كل موسم رمضاني إلى البرامج التلفزية، خاصة الفكاهية منها، حيث يتساءل المشاهد عن المعايير المعتمدة في إنتاج هذه البرامج وفي مواضيعها المنتقاة والتيمة المعالجة، بالإضافة إلى تكرار نفس السيناريوهات والمحتوى.

القنوات العمومية المغربية لم تبتعد عن دوامة اختياراتها التي تكاد تتكرر كل شهر رمضان بالشكل نفسه وبالوجوه وشركات الإنتاج نفسها، خاصة حين يتعلق الأمر بالأعمال الكوميدية المرافقة لموعد الإفطار، والتي لا يتوانى المشاهدون على وصفها بـ”الحامضة” على مواقع التواصل الاجتماعي.

وسئم المتلقي المغربي منذ سنوات طويلة انتظار تحسن جودة ومحتوى الأعمال التلفزية الرمضانية التي تقحم عن غير طيب خاطر مائدة إفطار المغاربة وتدفعهم إلى هجرة جماعية إلى قنوات عربية وأجنبية.

التكرار والرتابة هو أبرز عنوان خرج به المشاهد المغربي بعد تعرفه على كل الأعمال الفنية المخصصة لشهر رمضان المبارك لهذا العام، وأجمعوا أن أعمال هذه السنة لم تأت بأي جديد يذكر على مستوى الأفكار أو زوايا المعالجة الدرامية، رغم عدد من الانتقادات الموجهة للمخرجين والمنتجين وكتاب السيناريو وغيرهم بسبب رداءة المنتوج الفني الرمضاني، وأصبح بذلك المشاهد المغربي لا يجد في قنواته من رمضان إلى آخر سوى فراغ كبير في الكفاءة وغياب الجودة المبحوث عنها وترسيخ للرداءة والابتذال.

وخاب أمل المشاهدين المغاربة مجددا، مقتنعين أن الأعمال الرمضانية لهذا العام، خصوصا تلك التي يتم عرضها في أوقات الذروة، والتي تصادف إفطارهم الرمضاني، حالها كحال سابقاتها، “سيتكومات” و”سلسلات” مرتجلة وتستخف بالمشاهد ولا تحترم ذوقه وذكاءه، و أعمال درامية لم تأت بجديد وتعيد تكرار نفس المشاكل الاجتماعية المعروفة.

خالد أدنون، الإعلامي والخبير الاستشاري، اعتبر أن الإشكال المرتبط بالإنتاجات التلفزية الرمضانية هو “بنيوي وظيفي” مرتبط بعدم الحسم في مجموعة من القضايا المتعلقة بالإنتاج السمعي البصري عموما.

ومن بين الأسئلة التي لازالت مطروحة إلى اليوم، يقول أدنون في تصريح لـ “المصدر ميديا”، ما هو النموذج التنموي أو الاقتصادي الذي نريده من الإعلام السمعي البصري في المغرب؟ وهو الإشكال الذي مازال مطروحا إلى اليوم ولم يتم الحسم فيه.

وأوضح الإعلامي والخبير الاستشاري أن نسب المشاهدة التي تحققها الأعمال التلفزية الرمضانية “مقياس له تأثير جد محدود”، مؤكدا أنه يجب الغوص في تفاصيل هذه النسب والتركيز أكثر على المضامين واعتماد مؤشرات جديدة من أجل الحكم على هذه البرامج والإنتاجات.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد