الأطفال مجهولو النسب ضحايا القانون والمجتمع

“يشهد المغرب يوميا ولادة أكثر من 100 طفل بدون معرفة هوية الأب” خبر صادم كشف عنه المركز المغربي لحقوق الإنسان، بمناسبة اليوم العالمي لأطفال الشوارع، العدد مهول ومؤلم جدا، ماذا يحدث في مجتمعنا حتى وصلنا إلى هذا العدد الكارثي؟

أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم يمثلون ثمرة علاقات محرّمة شرعا وقانونا، ولدوا وهم يحملون على أكتافهم وزر خطايا ناتجة عن اغتصاب او وعد بزواج او علاقات عرضية او زواج عرفي لايتم الاعتراف به…و الانكى من كل ذلك، الأطفال، ضحايا مايطلق عليه زنا المحارم وهذه كارثة اخرى اصبح يعرفها المجتمع…
كل هؤلاء يولدون بالمئات يوميا ليرمى بهم الى الشارع أو الى دور الرعاية ليظل العار ملازما لهم.

نساء يجدن أنفسهن يحملن في احشائهن أطفالا لا أباء لهم، والأسباب كثيرة كما سبق ذكرها، ولكن يبقى الاغتصاب هو أشدها وطأة وايلاما، لأن المرأة في هذه الحالة تجد نفسهابين مطرقة ألمها وصدمتها مما تعرضت له وسندان نظرة المجتمع لها حيث يحولها من مجني عليها الى مذنبة.
اغتصاب ينتج عنه أطفال لاذنب لهم في الحياة، يشار اليهم بالبنان بأنهم أبناء زنى، صفة تلازمهم طوال حياتهم لتدمرها وتحولهم الى قنابل موقوتة تنفجر في شوارعنا، قنابل نساهم في صناعتها كل منا حسب موقعه داخل المجتمع، ومع ذلك ننسى أننا من ساهم في ذلك ونعتبرهم مجرمون بالفطرة، أية حياة قاسية تلك التي يعيشها طفل جاء للحياة بسبب غلطة عملها الكبار، ويدفع ثمنها طوال حياته، بل وتتم محاسبته عليها وتحميله المسؤولية وإقصائه وتهميشه. حياة تدفع به الى الشارع بحثا عن إنصاف لم يجده بيننا كدولة و مجتمع مدني يفترض أننا نتوفر على مؤسسات وجمعيات خلقت من أجله، فيستقبله الشارع بكل قساوته وفظاعاته ، هناك حيث يلتقي “اخوة “له نطلق عليهم صفة أخرى لاتقل فظاعة عن كل الظروف البشعة التي تلازمهم منذ ولادتهم وهي”أطفال الشوارع” نتفنن في اعطائهم الصفات والنعوت في حين كنا قادرين جميعا على أن نجعل منهم أطفالا صالحين في المجتمع صالح يحتاجهم كما يحتاجونه.

الجمعيات في بلانا أكثر من الأشخاص حتى أنه يمكننا القول أن هناك جمعية لكل مواطن، رغم ذاك تتنامى هذه الظواهر بشكل متزايد.
أين الخلل فيما يحصل؟
الخلل في تركيبة المجتمع المبنية على موروث ثقافي واجتماعي متناقض وهش و ذكوري بإمتياز ،مجتمع غير واع بالمخاطر التي تسببها هذه الظواهر و ان تجاهلها وجعلها “طابو” مسكوت عنه لن يزيد الطين الا بلة، وعدم فتح ورش حقيقي -يساهم في ايجاد حلول قانونية و اجتماعية جدرية- للحد من الكثير من الظواهر الكارثية التي تدور في فلك ظاهرة اطفال الشوارع على سبيل المثال لا الحصر: الدعارة ،اكتظاظ الاصلاحيات، جرائم الاطفال ، التسول، الاستغلال الجنسي …

كثيرة هي الاسباب التي تجعل منا مجتمعا متهالكا، ينهض على أسس ضعيفة ولعل من أهمها الفقر والتهميش والمنظومة التعليمية الضعيفة كلها أسباب تجعل من خطاباتنا مجرد جعجعة بدون طحين.

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. د. منتصر علام يقول

    تحياتي لك أستاذة حجيبة ودائما موضوعاتك متميزة سواء سياسية أو اجتماعية وانا فعلا معجب بطرق تناولك هذه الموضوعات واليوم لامست شيء داخلي بهذا الموضوع لعدة أسباب أولها أن موضوع الأطفال مجهولي النسب كان عينة رسالتي للدكتوراه حيث كان موضوع الدراسة تعديل مفهوم الذات لدي هذه الفئة ولا أحكي لكي صديقتي الغالية عن كم الشعور بالدونية وتدني مفهوم الذات عند هؤلاء الأطفال، والثاني أن المجتمع دائما ما يتحمل أي خلل فيه فهو المسؤول الأول والأخير وهو ما تكرمتي بالإشارة له، فأي خلل في جزء من أجزاء المجتمع يقابله بالضرورة خلل في أجزاء أخرى وعليه فالمجتمع بجميع مؤسساته مسؤول عن هذا الخلل الذي هو في موضوعنا هنا الأطفال مجهولي النسب ولو كانت مجتمعاتنا تود التصدي لهذا الخلل الاجتماعي وغيره الكثير لوجدت العديد من الحلول له ومن أبسطها تعميم ال DNA والذي فيه حل العديد من المشاكل فيكفي اجراء تحليل للطفل لكي نعرف أبويه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد