اقتصاديو الاستقلال: مشروع المالية المعدل “لا يقدم أي تصور واضح” لمواجهة “التداعيات الكارثية” لجائحة كورونا

كشف اقتصاديو حزب الاستقلال إن مشروع القانون المالية التعديلي 2020، الذي يوجد قيد المناقشة والمصادقة بمجلس النواب،”لا يقدم أي تصور واضح” لمواجهة “التداعيات الكارثية والتأثيرات السلبية” للأزمة التي فرضتها جائحة كورونا على المغرب.

وأكدت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، عبر بلاغ لها، أنه “في إطار تتبعها للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كوفيد 19، وفي سياق تقديم الحكومة للقانون التعديلي للمالية برسم سنة 2020، تدارست رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين فرضيات وتوجهات وكذا المعطيات المرقمة لهذا القانون التعديلي. وقد سجلت الرابطة تبني الحكومة خيار تحيين معطيات قانون المالية لسنة 2020، الذي دعت اليه الرابطة، منذ شهر مارس المنصرم من أجل مراجعة الفرضيات والأولويات، وذلك نظرا للمتغيرات الجوهرية التي فرضتها الظرفية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، على إثر تطبيق الحجر الصحي منذ منتصف مارس 2020، والتي تفاقمت بسبب الجفاف الذي طغى على الموسم الفلاحي الحالي”.

وأضافت الرابطة، أنه “وبعد دراسة مستفيضة لهذا المشروع المعروض على البرلمان من أجل المصادقة، خلصت الرابطة إلى أن المشروع لا يقدم أي تصور واضح لمواجهة الأزمة؛ فلا هو مشروع يستند على سياسة تقشفية، ولا هو مشروع لدعم العرض، ولا هو مشروع لدعم الطلب، بل لا يرتقي الى مستوى تقديم خطة ناجعة وفعالة بأولويات متجددة، ووسائل مُحَدَدة لإنعاش الاقتصاد الوطني. فهذا المشروع لا يُبَين السُبُل القَمِينَة لتأمين المستوى المتوخى لمعدل التنمية الاقتصادية وفرص الشغل، بهدف الحد من التداعيات الكارثية والتأثيرات السلبية للأزمة الصحية”.

وأوضحت الرابطة أن مضامين المشروع المذكور، تكشف عن “غياب توجه إرادي من طرف الحكومة للاستجابة لتطلعات وانتظارات الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، حيث أن هذا المشروع لم يتضمن، كما كان منتظرا، تدابير تهدف الى الحفاظ  والحد من تقهقر القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الطبقات المتوسطة، وتأمين الحد الأدنى من الدخل للطبقات السوسيواقتصادية التي فقدت مصادر دخلها، وإنقاذ المقاولة خصوصا الصغيرة والمتوسطة، وأن مشروع القانون التعديلي يشكل استمرارية لنفس الأولويات الاقتصادية والاجتماعية التي تأسست عليها ميزانية 2020، من دون أي مراجعة للأولويات التي أملتها الظرفية الحالية واستعمال أنجع للموارد واستهداف أمثل للنفقات، خاصة من خلال التحكم في نمط عيش الإدارة”.

وسجل التقرير مجموعة من الملاحظات، ضمنها ان المشروع التعديلي لقانون المالية، إكتفى “بإدراج بعض القرارات التي تم اتخاذها خلال فترة الحجر الصحي، وتحيين الفرضيات، وإدماج بعض التغييرات الطفيفة في ميزانيات بعض القطاعات الوزارية، ومن دون إقرار تدابير جبائية ذي وقع ملموس لإنقاذ وإنعاش المقاولات المتضررة من الحجر الصحي ومساندة الأجراء وصغار المقاولين الذاتيين الذين فقدوا مصادر دخلهم”، مبرزة أن المشروع سجل “غياب تدابير ملموسة، سواء على مستوى الميزانية العامة، أو ميزانيات المصالح المسيرة بطريقة مستقلة، أو الحسابات الخصوصية، من أجل تمويل الأنشطة الاقتصادية المتضررة بشكل كبير من الحجر الصحي، حيث تراجع الناتج الإجمالي الوطني خلال فترة الحجر بنسبة تناهز 14 %، عدم حث المؤسسات والمقاولات العمومية على التعبئة الإرادية لمواجهة هذه الأزمة، وكذا انخراطها الفعلي في تمويل القطاعات الاقتصادية المتضررة وتركيزها على عقلنة نفقاتها ودعم المقاولة الوطنية بتفعيل حقيقي للأفضلية الوطنية”.

وحذرت الرابطة بخصوص المعطيات المرقمة لمشروع قانون المالية التعديلي، من بعض المعطيات التي “لا تُعَبِر عن مدى الهزة التي تعرض لها الإطار الماكرواقتصادي الوطني بسبب الأزمة الصحية حيث تشير تطورات القطاعات الإنتاجية، وباحتساب التراجع الكبير المسجل في الإنتاج الفلاحي، أن معدل تراجع الاقتصاد الوطني سيتجاوز -6 % برسم سنة 2020، عوض -5% التي توقعتها الحكومة”، مؤكدة أن “معطيات تنفيذ قانون المالية إلى غاية نهاية ماي 2020 والتراجع الكبير المسجل في المداخيل الجبائية، أن عجز الميزانية المرتقب نهاية السنة، سيناهز 8% من الناتج الداخلي الإجمالي. ومن دون احتساب الرصيد الصافي للحساب الخصوصي المحدث من أجل التصدي لتداعيات الأزمة الصحية “كوفيد 19″، فإن عجز الميزانية برسم سنة 2020، قد يفوق 9 %من الناتج الداخلي الإجمالي”.

كما سجلت الرابطة “نية الحكومة اللجوء المكثف للاقتراض، حيث أن مشروع القانون التعديلي رفع سقف الاقتراض الداخلي الإضافي الى 76 مليار درهم وسقف الاقتراض الخارجي الإضافي الى 60 مليار درهم، وهو ما سيرفع معدل الدين العمومي الى حوالي 90% من الناتج الداخلي الاجمالي. وفي هذا الإطار، وبهدف الحفاظ على السيادة الاقتصادية الوطنية، تناشد رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين الحكومة ضرورة الاستغلال الامثل للقروض واستهداف تمويل المشاريع المنتجة اجتماعيا واقتصاديا من أجل تنمية محلية مستدامة (فك العزلة القروية فيما يخص الطرق والماء والكهرباء والصبيب الرقمي، وتعميم التجهيزات الطاقية المستدامة…)”.

ومن جهة أخرى، ونظرا للتدهور المسجل في الميزان التجاري من جراء التراجع الحاد في الطلب الخارجي الموجه لبلادنا وفي مداخيل الصادرات والسياحة والاستثمارات الخارجية المباشرة وتحويلات المغاربة القاطنين بالخارج، أوصت الرابطة بإلحاح الحكومة الى نهج سياسة ذكية في الواردات عبر استهداف أمثل للمواد والخدمات المستوردة الضرورية للإنتاج ولأنشطة الاقتصادية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد