اجتناب شرب الخمر لمدة 40 يوما: جدل الزمان لنيل أجر وثواب رمضان

“الأربعين دخلات”، كلمتان تتكرران بشكل لافت عند مدمني الخمر كلما حل شهر رجب الحرام الذي يفيد اقتراب شهر رمضان، والمقصود منها اجتناب احتساء المشروبات الكحولية لمدة 40 يوما قبل الشهر الكريم، لكن دون وجود مبرر قوي ومقنع لذلك، سوى حديث على أن مادة الكحول تظل في جسم المدمن على شرب الخمر مدة أربعين يوما، ولكي يصح صيام هذا المدمن يجب أن يكون جسمه خاليا من أي شيء محرم.

الحديث في هذا الموضوع يحدث جدلا ونقاشا كبيرين في صفوف مدمني الخمر وأصحاب الحانات وتجار الخمور، فمنهم من يتحدث عن الجانب الشرعي كون أن صوم رمضان من أركان الإسلام الخمسة ويجب أن يكون صحيحا خاليا من المبطلات حتى يقبله الله تعالى استنادا إلى الحديث القدسي: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به” وهو ثابت عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه عز وجل، فيما ترى فئة أخرى أن الأدلة والحجج المقدمة بخصوص “الأربعين دخلات” لا مبرر لها ولا يؤطرها أي نص ديني، بل هي فقط مجرد إشاعة لا تستند لأي شيء.

“الأربعين دخلات” من وجهة نظر المجتمع 

صرح أحد الشباب والابتسامة بادية على محياه وهو يجيب على سؤال “المصدر ميديا” عن رأيه في لازمة “الأربعين دخلات”: ” الأربعين لي قبل رمضان بدعة محمودة عند شي وحدين باش يقطعو الشراب”، مسترسلا حديثه عن الموضوع وهو يشرح سبب ذلك لأنه راجع حسب اعتقاده أن “من يشرب الخمر في هذه المدة يقضي عاما مليئا بالمشاكل ويشكل مصدر نحس ولعنة لديه لأنه صام رمضان وجسمه يحتوى على مادة محرمة شرعا”.

فما السبب الذي يجعل مدمني الخمر يكررون هذه اللازمة كلما حل شهر رجب واقترب شهر رمضان المبارك؟

سؤال “المصدر ميديا” اختلفت فيه أجوبة المدمنين على مادة الكحول، رضى، رئيس مشروع بإحدى مراكز النداء يؤكد أنه يحس بالإحراج والخجل إذا استقبل شهر رمضان المبارك وهو يحتسي الخمر لأن هذا الشهر له قدسية خاصة عن باقي شهور السنة، وقال مبتسما: ” ماكايناش آية قرآنية فيها ماخاصكش تصوم إذا شربتي 40 يوم قبل رمضان ولكن المجتمع عندو قوة، وما حد 40 تاتروج فالمجتمع كلما قرب رمضان فكاين علاش لأن أي حاجة كاينا عندها أسباب وعواقب”.

أيمن، شاب يشتغل بإحدى وكالات الأسفار، كان جوابه مختلفا بخصوص لازمة “الأربعين دخلات”، وقال بحزم وشدة: ” أصلا شرب الخمر حرام بـ 40 ولا بلا بيها، وماكاينش شي حاجة تاتأكد أن الشراب تيبقى فالجسم 40 يوم، ولي كيدير بهاد الكلام تيخاف من رمضان ماشي تيخاف من الله لأن الذي يخاف الله ما تيقربش للخمور من الأول”، واسترسل حديثه ونبرة الغضب تظهر على جبينه متسائلا: “أي سبب إذن يعتمده المغاربة للامتناع عن شرب الخمور 40 يوما قبل رمضان؟ هذا مجرد نفاق اجتماعي، وقال: هادو لي خرجو هاد الهضرة كذبوا الكذبة وتيقوها”.

بوبكر، عامل بإحدى الحانات، أوضح في حديثه أن إقبال الزبائن على الحانات يقل شيئا فشيئا كلما حل شهر رجب، وقال: “عندما أبادر إلى فتح نقاش مع الزبائن تختلف أجوبتهم، فمنهم من يعتقد أنها مجرد إشاعات، والبعض الآخر يقرر الابتعاد عن شرب الخمر احتراما لقدسية الشهر الفضيل رغم إدراكه أن 40 يوما لا تفسر بالدين أو العلم”.

عبدالله الشريف الوزاني: الحلال والحرام غير محددان بعدد الأيام

“الخمر يحرم شربه لا قبل الأربعين ولا غيرها”، بهذه العبارة، أكد الشيخ عبدالله الشريف الوزاني، في تصريح لـ “المصدر ميديا” أن الخمر محرم شرعا و”الحلال والحرام غير محددان بعدد الأيام “، موضحا أنه إذا ابتلي الإنسان، فقدسية الشهر الفضيل تحتم عليه أن يبدأ بالتوبة إلى الله تعالى وهي من أدبيات الدخول لرمضان ويمتنع عن شرب الخمر.

وعن لازمة “الأربعين دخلات”، قال عبدالله الشريف الوزاني: “هذه مجرد نظرية علمية تفيد أن الخمر يظل في جسم الإنسان مدة أربعين يوما ولكي يتطهر الجسم من مادة الكحول يجب الامتناع عن شربه 40 يوما قبل دخول شهر رمضان المبارك ولا علاقة لها بأي حديث نبوي شربف”.

وأضاف الوزاني: “الإنسان يجب عليه أن يغتنم فرصة شهر رمضان وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ليتوب إلى الله وأن يبتعد عن المحرمات عسى أن يقبل الله توبته في هذا الشهر الكريم”.

وأجمع عدد من العلماء، حتى من غير المسلمين، أن أضرار استهلاك الخمور تفوق مصالحها، وهو نفس الشيء الذي أكدته الآية القرآنية 219 من سورة البقرة، يقول عز وجل: “يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما”.

موقف العلم من بقاء مادة الكحول في دم الإنسان 40 يوما 

حسب دراسة أنجزها المعهد السويسري للوقاية من الكحول وباقي أنواع الإدمان عام 2004، فإن الجسم يتخلص من 0.10 إلى 0.15 غرام من الكحول في الدم كل ساعة.

الأمر نفسه يؤكده عدد من الأطباء المختصين بأن مادة الكحول تختفي من جسم الإنسان بعد 10 ساعات من شربه، ويختفي أثره كليا من الجسم بعد 24 ساعة كأقصى تقدير.

يبدو من خلال التداخل الذي يحصل بين ما يقره الدين الإسلامي والعلوم، وما هو شائع في المجتمع، راجع بالأساس إلى التنشئة الاجتماعية وسوء فهم البعض للأمور الجهل بالأشياء، فكل هذا يخلق نوعا من الضبابية لدى الفرد في تعامله مع لازمة “الأربعين دخلات”.

 

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد