أيها السادة .. رفقا بالوطن

يحفل تاريخنا -خاصة المعاصر-بتغول واستئساد زعامات على الصعيد الوطني تكون لها الكلمة الأولى في الكثير من مناحي الحياة ويصبح لها في الشارع مكانة كبيرة ومميزة تشكل في بعض الأحيان نوعا من الندية للمؤسسات العليا في الدولة. يصاب صاحبها بنوع من الغرور وتتعاظم لديه الأنا حتى أن الذين معه في مؤسسته الحزبية يعتقدون ان الوطن لا يمكنه الإستغناء عنه ويسوقون عنه مايفهم منه أن الوطن لن يستقيم له قرار إلا به وأن استقراره مرهون بالاعتماد عليه، وفجأة يتم الإستغناء عنه في ظروف تمجها عقول البعض ويتأبى فهمها عند البعض الآخر.

أما الذين ينظرون للأمور والأحداث من زوايا مختلفة فسرعان ما يصفقون لذلك. ولهم في ذلك عدة أسباب لعل أهمها أن البلد لا يحتمل تغول واستئساد الأحزاب السياسية على حساب مؤسسات الدولة خاصة وأن الملكية هي الضامن الأول لاستقرار البلد . خاصة وأن أحزابنا والمنضوين فيها لم يصلوا بعد إلى المستوى الذي وصلت إليه أحزاب الدول الديمقراطية ومن يدور في فلكها .

لكل من الرأيين حجج وأدلة يدافع بها عن وجهة نظره،ودون مناقشة الرأيين وترجيح أحدهما على الآخر أريد الهمس في أذن أصحاب الرأي الأول فأقول هناك زعامات محلية لاتقل خطورة عن تلك التي تتوغل وتستأسد عل الصعيد الوطني. …

ذلك أن التجارب والأحداث التي مر ويمر منها البلد تبين أن الأحزاب السياسية سرعان ماتغير معطفها حينما يعهد إليها بتحمل الشأن العام.ترمي الشعارات في مزبلة التاريخ، ويداس على المبادئ والقيم والأخلاق السياسية، ويبقى الولاء للمصالح الشخصية والقرابة الحزبية ولكل مايمكنهم من البقاء على أرائك الحكم الوثيرة ولو على حساب الشعب المقهور والمغلوب على أمره والمخدر بشعاراتهم ومبادئهم السابقة…

تذكرت ذلك كله وماعشناه خاصة منذ حكومة التناوب إلى الآن وتذكرت بكثير من المرارة والأسى أن ما نعيشه وطنيا نعاني منه كذلك على الصعيد الجهوي.

ففي جهات المملكة وبدون استثناء رجالات وأسر إستغنى جلها من وضعيات مشبوهة أصبحت لهم من خلالها وضعية في الجهة وأصبحت لهم بها الكلمة الأولى والأخيرة في أمورها وأصبح المسؤولون يدورون في فلكهم ويأتمرون بأوامرهم في كل مايتعلق بالجهة وأهلها. حتى أصبح يخيل إلينا أننا نعيش في زمن الباشوات والأعيان والشيوخ في عهد الاستعمار. فإذا كان الخوف على الوطن من توغل وتنمر الزعامات الوطنية أفلا يحق لنا أن نخشى جهويا من نفس الشئ وقد أصبحنا نرى أن بعض تلك الزعامات الجهوية أصبحت لها الكلمة الأولى في الكثير من مناحي الحياة خاصة السياسية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد