يواجه الآباء، الذين كانوا يشعرون بالقلق من أن أطفالهم يقضون وقتاً طويلاً أمام شاشات التلفزيون، سبباً أكبر للقلق في السنوات الأخيرة.. وهو الهاتف الذكي.
نشرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، نقلاً عن “ذا كونفرسيشن” الأميركية، مقالاً علمياً لبروفيسور جين توينغ، أستاذة علم النفس، والتي قامت بنشر أكثر من 100 مقال علمي وتأليف العديد الكتب الشهيرة التي تدور حول الاختلافات بين الأجيال، حول هذا الشأن.
تقول بروفيسور توينغ إن أبحاثاً علمية جديدة توصلت إلى حدوث تغييرات في المخ بين الأطفال، الذين يستخدمون الشاشات أكثر من 7 ساعات في اليوم، كما تم رصد انخفاض المهارات المعرفية بين الأطفال، الذين يستخدمون الشاشات أكثر من ساعتين في اليوم.
وتشير بروفيسور توينغ إلى أنه بينما تربط نتائج الدراسات العلمية بين الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات، وبين النتائج السلبية في المهارات المعرفية، فإن بعض الآراء المعارضة تجادل بأن هذه النتائج ليست إلا مجرد انعكاس لنوع آخر من الذعر الأخلاقي تجاه التكنولوجيا.
وتقول بروفيسور توينغ إنها بالاشتراك مع فريق بحثي معاون قامت بإجراء بحث جديد حول العلاقة بين استخدام الهاتف المحمول والنوم لتقديم ردود مناسبة على هذه التساؤلات ولدحض هذه الذرائع.
وتوضح الدراسة البحثية لبروفيسور توينغ أنه يكاد يكون من البديهي أن الأجهزة المحمولة اليوم، بما في ذلك الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، تختلف جوهرياً عن أجهزة التلفزيون في غرفة المعيشة والهواتف ذات الأقراص الدوارة في الماضي.
وقام الباحثون بتتبع عادات مشاهدة التلفزيون، حيث تبين أنه في المتوسط لم يقض الأولاد في سن المراهقة بالولايات المتحدة أكثر من ساعتين ونصف الساعة يومياً في مشاهدة التلفزيون، بينما قضى متوسط المراهقين نحو 6 ساعات يومياً في استخدام وسائل الإعلام الرقمية بما يعادل أكثر من ضعف الوقت.
وتشير الدراسة إلى أن هذا القدر الكبير من الوقت الذي يقضيه المراهقون في استخدام الوسائط الرقمية يكفي لشغل أوقاتهم بما يؤدي إلى تلاشي المساحة المتاحة لممارسة الأنشطة الأخرى، مثل التفاعل مع الأصدقاء وجهاً لوجه، أو القراءة، أو التنزه، وأنه على عكس الهاتف الأرضي، تم تصميم تطبيقات الوسائط الرقمية لتثبيت المستخدم أمام الأجهزة الذكية الحديثة.
وترصد الدراسة العلمية أنه على عكس التلفزيون أو الهواتف الأرضية، يمكن حمل الأجهزة المحمولة في كل مكان، سواء إلى المدرسة، حيث يقول المدرسون إن تلك الأجهزة تشغل الطلاب بشكل شبه دائم، أو خلال المناسبات الاجتماعية، حيث يمكن أن تنتهي محادثة بين أصدقاء أو أحد أفراد العائلة على الفور، لاستقبال مكالمة على الهاتف بشكل تلقائي.
وتذكر بروفيسور توينغ أن الكثير من الأشخاص أفادوا أن استمتاعهم بعشاء في مطعم مع أصدقاء أصبح أقل بعدما أصبح هناك هواتف محمولة، مقارنةً بالوقت الذي لم تكن فيه الهواتف متاحة.
وعلى مستوى العديد من الدراسات، فإن الأطفال والمراهقين الذين يقضون وقتاً أكبر مع الشاشات، بما في ذلك التلفزيون والأجهزة المحمولة، ينامون وقتاً أقل. ويمكن أن يعزى السبب إلى أنهم يقضون الكثير من الوقت في التعامل مع أجهزتهم التي تأتي على حساب النوم.
ولكن هناك أيضاً، وبحسب بروفيسور توينغ، سبب فسيولوجي وهو أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات الإلكترونية يخدع المخ البشري ويدفعه إلى الظن بأن الوقت لا يزال نهاراً. ومن ثم فإنه لا ينتج ما يكفي من هرمون الميلاتونين للنوم الذي يجعل الإنسان يغفو بسرعة لكي يحصل على نوم عالي الجودة.
وبالتالي، يمكن وفقاً لنتائج الدراسة، التأكيد بأن التلفزيون سيئ بنفس قدر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، حيث إنه يستهلك الوقت ويصدر الضوء الأزرق أيضاً.
ولكن تم إفراد جانب من الورقة البحثية الجديدة للمقارنة بين النوم ومشاهدة التلفزيون من ناحية، وبين النوم واستخدام الأجهزة المحمولة من ناحية أخرى.
ومع ذلك، فبمجرد أن يتم التحكم في وقت الجهاز المحمول إحصائياً، فإن مشاهدة التلفزيون أو تشغيل ألعاب الفيديو لم يثبت أنه له صلة كبيرة بوقت النوم.