أطفال القمر …يحلمون برؤية الشمس

صغار في عمر الزهور رمتهم الأقدار في أحضان مرض غريب يفتك بهم في سن جد مبكرة، مرض يحرمهم من نعمة التمتع بأشعة الشمس ومن نعمة الحياة الطبيعية التي يحياها أطفال في سنهم، مرض يحاصر أجسادهم الصغيرة، ولايترك مجالا للشفاء منه

يطلق عليهم اسم -أطفال القمر- فالقمر هو الوحيد الذي يسمح لهم بالظهور تحت نوره، أما الشمس فبينهم معها قصة ألم وعذاب.

وأنا في انتظار صديقتي الطبيبة التي تعمل في احدى المستشفيات العمومية بالرباط لفت انتباهي طفل صغير جالس بقرب أمه وجسمه مغطى بالكامل وعلى يديه قفازتين ووجه مغطى بشكل كامل باستثناء عينيه التي يضع عليهما نظارتين شمسيتين وأنفه الذي ترك له منه متنفس لاستنشاق الهواء ، ولأنني كنت قبل سنوات خلت قد قمت بتحقيق عن حالة مرضية نادرة تسمى باطفال القمر، فهمت على الفور أن هذا المسكين من تلك الفئة ،تقول بعض الاحصائيات غير الرسمية أن عددهم في المغرب بضع مئات ولعدم توفر مراكز خاصة للاهتمام بهاته الحالات يصعب معرفة نسبتهم ووضعيتهم الحقيقية .

هذا المرض سلمنا الله وإياكم وراثي وناتج عن ارتفاع مهول في حساسية الجسم اتجاه الشمس بحيث تخترق جلد المريض وتؤدي الى تقرحات في جسمه وتشوهات في لون وبنية الجلد وضمور في سمكه وفي مرحلة متقدمة قد تؤدي الى سرطان الجلد، كما تتضرر وظيفة العين بشكل كبير ومعدل أعمار هؤلاء المساكين جد متدني وفي حدود العشرينات ،وكل هذا جراء التعرض لأشعة الشمس العادية لذلك يطلب من المرضى الاتقاء الكلي لتلك الأشعة ونهج نظام حياة ليلي وبما أن أغلبية المرضى أطفال فهم يسمون أطفال القمر.

بعد الحديث المستفيض مع صديقتي الطبيبة حول الموضوع فهمت أن وضعيتهم في المغرب غير مشرفة ولذلك استغل الفرصة وأدعوا القيمين على المجال الصحي بالبلاد الإلتفات الى هاته الشريحة من فلذات أكبادنا ونقص معاناتهم مع ما ألم بهم، فأنا ومعي الكثيرين نعتقد أن الصحة للجميع هي مفتاح لتجاوز الكثير من مآسي هذا الوطن .

أطفال يحتاجون الى رعاية طبية خاصة، والى مدارس تحتويهم تحت جنح الظلام، والى قلوب رحيمة تحسسهم بأنهم جزء من المجتمع الذي نعيش فيه.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد