أزمة غياب الأطر الصحية بالمسشفيات الوجه الآخر لمعانات المغاربة

على أبواب مستشفيات المملكة وأنت تعبر أبوابه لا يمكن أن يمر سيرك نحو المصلحة التي تقصدها دون ان تسمع عبارة “حسبيَ الله ونعْم الوكيل”، بسبب المعاناة التي يكابدها المرضى ودويهم بمجرد أن تطأ أقدامهم عَتبة المستشفيات العمومية.

معاناة المرضى القاصدين للمستشفيات العمومية، تجد “أكبر مشاكلها في الخصاص المهول والنقص الحاد في الأطر الصحية الذي أضحى قطاع الصحة يعيش على إيقاعه”، يكشف لحبيب كروم رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والصحة، ففي عام 2011 كان العدد الاجمالي للعاملين في وزارة الصحة هو 47494 موظف منهم 8869 طبيب و 26496 ممرض و10757 اطار اداري، ليتناقص عدد الممرضين ضمنه إلى 25036 ممرضا وممرضة خلال سنة 2014، أي بمعدل تراجع 840 في ظرف ثلاث سنوات فقط”، ليعرف القطاع نموا طفيفا في عدد المناصب بعد ان اطلقت الوزارة عددا من التدابير للحد من العجز الحاصل في الموارد البشرية قدرت مناصبها المالية بـ” 4400 طبيب وممرض خلال سنه 2012، و4700 سنه 2013، و4900 سنه 2014، ونفس العدد سنة 2015، ليصل العدد سنة 2016 إلى 5000 طبيب وممرض”.

“إلا أنه وعلى الرغم من عدد المناصب المالية التي رصدت لوزارة الصحة والتي عرفت زيادة مهمة خلال السنوات الاخيرة الى انها تظل اقل بكثير من احتياجات القطاع وتوسيع العرض الصحي بما في ذللك الرعاية الصحية في المستشفيات الذي يزيد من تفاقم هذا العجز الذي يقدر حاليا بأكثر من6000. طبيب و9000 ممرض، على الرغم من أن توقعات وزارة الصحة تتحدث ضمن استراتيجياتها عن حوالي 5000 منصب مالي بحلول سنة 2016″، يضيف كروم.

“الى أنه بالرغم من تحديد هذه الحاجيات لم يتم العمل بها ولم يتجاوز عدد المناصب المالية المخصصة لوزارة الصحة 2000 منصب بعد تقليص ميزانية التسيير نظرا للازمة المالية العالمية سنة 2011 و 2700 منصب لسنة 2018″، يوضح رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والصحة.

و”تشهد الموارد البشرية نقصا مهولا له انعكاسات سلبية على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين رغم تواجد مجموعة من الاطر التمريضية في حالة عطالة، فعلى سبيل الذكر هناك 2500 قابلة عاطلة و500 تقني في الترويض، على الرغم من أن المنظمة العالمية للصحة توصي بستة قابلة كحد أدني لكل 1000 ولادة في حين نجد فقط اربعة لكل 1000 ولادة ببلدنا”، يكشف ذات المتحدث.

الوضع الذي لم تنفي الوزارة بشكل ضمني قلقها منه، بعد ان أكد وزير الصحة اناس الدكالي، خلال جوابه على سؤال عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية حول ” تغطية الخصاص في الموارد البشرية بالمستشفيات العمومية”، في جلسة خلال الأسبوع المنصرم المخصصة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، ” ان وزارة الصحة تبذل مجهودات كبيرة بهدف تعزيز المنظومة الصحية الوطنية بالموارد البشرية الضرورية لتجاوز الخصاص المسجل ان ولوج متكافئ للخدمات الصحية، بغرض الرقي بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين في مختلف مستشفيات المملكة”.

وهو ما دفع الوزارة إلى اعتماد نظام التعاقد الذي أقام الدنيا ولم يقعدها فيما اعتبره متتبعون محاولة من الدولة للهروب من مسؤولياتها الاجتماعية، ونهجا لأساليب النظام “النيو ليبرالية الجديد” الذي دفع مجموعة من الدول إلى إنهاء منطق الدولة التدخلية والتحول نحو منطق “الدولة المراقبة او الحارسة”، حيث أوضح الوزير ” ان عدد الأطر الطبية العاملة بالمستشفيات العمومية، يبلغ 16 593 إطارا طبيا وممرضا منها 3 440طبيبا اختصاصيا، 1039طبيبا عاما ، و 12 114 ممرضا”.، مشيرا إلى أن “الوزارة عززت المستشفيات في الفترة الممتدة ما بين 2015 و2017 بحوالي 2700 في جميع التخصصات “.

واكد الدكالي، الى ان” الاستعانة بهذه الصيغة للتوظيف في بعض المؤسسات من شأنه أن يضمن استمرار هذه الموارد البشرية لوقت أطول بتوظيفها في إطار المناصب الجماعية المحلية، والتوظيف يأتي دائما من الخريجين المعطلين القاطنين بهذه المناطق والذين يفضلون هذه الصيغة على التقدم للمباريات المنظمة من طرف الوزارة والتي لا تمكنهم دائما من العمل في المنطقة التي يفضلونها، وقبول العمل بالمناطق النائية يبقى من بين المشاكل التي تعاني منها الوزارة”.
مضيفا بان الوزارة “لجأت كذلك للتعاقد مع القطاع الخاص لسد الخصاص في بعض الاختصاصات الطبية لمستشفيات بعينها٠ لكن الإقبال على هذه الصيغة مازال محتشما مما يستوجب اخضاع هذه التجربة للتقييم من أجل تقويمها وتطويرها”. يقول الدكالي.

في المقابل يشتكي الأطباء والممرضون الذين يخوضون إضرابات ووقفات احتجاجيه شلت حركت المستشفيات ولاتزال، بدورهم من الضغط الكبير الذي يشتغلون في ظلّه بسبب الاكتظاظ الذي تشهده مستشفيات المملكة، والنقص الحاد في وسائل وأدوات العلاج، وسوء ظروف الاشتغال مما قد يجعل الطبيب والممرض عرضة لاعتداء المواطنين الغاضبين، وهو ما عبر عنه أحد الأطباء قائلا: “المريض كيحسابْلو حْنا غير كنلعبو.. يجب على وزارة الصحة أن تتحمّل مسؤوليتها بإيجاد حلّ للمشكل التي يعرفها القطاع”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد