إنَّ تفعيل تعميم نظام المساعدة الطبية سنة 2011، بعد انطلاق تجربة نموذجية بجهة تادلة أزيلال سنة 2008، سيُمَكِّن الساكنة المعوزة غير القادرة على تحمُّل مصاريف العلاج من الحصول على تغطية صحية أساسية والاستفادة من مجانية العلاجات…”، بهذه المقدمة الغارقة في التفاؤل قدّمت الحكومة نظام المساعدة الطبية “RAMED”، والذي كشف واقع العمل به بعد 6 سنوات على تعميمه، عن إيجابياته وسلبياته.
فقد كشف تقرير أعده المرصد الوطني للتنمية البشرية، عن واقع النظام الذي تم تعميمه ابتداء من سنة 2012، أن 50 في المائة من الفقراء المغاربة خارج دائرة المستفيدين، وعن وجود اختلالات تجعله بعيدا عن تلبية حاجيات الفئات الأكثر فقرا، حيث لم تتجاوز الأسر التي تعيش تحت عتبة الفقر نسبة 27 في المائة من عدد المستفيدين سنة 2015، فيما استفاد 11.4 في المائة من الأسر المنتمية إلى الخُمس الخامس ذات الدخل الأكثر ارتفاعا.
التقرير الذي يعتبر بمثابة تقييم شامل لنظام المساعدة الطبية “راميد”، أوضح أن تعميم النظام تم “دون الأخذ بعين الاعتبار نتائج تقييم التجربة النموذجية التي عرفتها جهة تادلة أزيلال، والذي كان من شأنه أن يؤدي إلى تقويم هذا النظام”.
وأوضح أنه “بفضل نظام راميد، خطى المغرب خطوة حاسمة نحو التغطية الصحية الشاملة”، مشيرا إلى بنسبة حوالي 50% في تطور التغطية الصحية الإجبارية في المغرب، لتنتقل بذلك، سنة 2015، إلى 46,7% من الساكنة المغربية مقابل 33,7% فقط سنة 2010”.
كما أكد التقرير أن عدد المستفيدين من “راميد” شهد انخفاضا كبيرا، ليصل في نهاية سنة 2016 إلى 6,3 ملايين شخص، بعدما بلغ ذروته في يونيو 2015، حيث وصل إلى 8,5 مليون شخص؛ ما يعني أن أزيد من مليوني شخص لم يجددوا بطائق انخراطهم.
وعزا التقرير هذا التراجع المسجل إلى زيادة التكاليف غير المباشرة (النقل، والإقامة، والمواكبة، إلخ)، وحالات الانتظار التي يعاني منها المرضى الذين غالباً ما يكونون غير مطلعين على المساطر المتبعة في مختلف قطاعات الرعاية الصحية، كما قد يكون ناجما، أيضا، عن مستوى الأداءات المباشرة.
وفي ذات السياق، كشف لحبيب كروم عضو الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، للمصدر ميديا، أن النظام على الرغم من إيجابياته إلا أنه لايزال يصطدم بواقع الفوارق المجالية، التي تحرم فئات كبرى بالمداشر والقرى والمدن الصغرى من خدمات المساعدة الطبية “راميد” كما هو الحال عليه في كبريات المدن، التي بدورها تعيش مشاكل جمة ترتبط بالنظام، مشددا على ان الواقع المجالي لاستفادة يشكل ضربا للحق في المساوات في التطبيب الذي يعتبر حقا مكرسا دستوريا.
وأضاف كروم أن النظام كشف عن عيوب كثيرة ترتبط بنظام الاستفادة الذي تسمح معايره باستفادة اشخاص ليس ضمن فئاته لكنهم بطرق أو بأخرى يستفيدون.
وأوضح ذات المتحدث، أن النظام يواجه بتميز واضح داخل المستشفيات، على اعتبار أن من لهم القدرة على تأدية واجب الخدمات الصحية يتم تمتيعهم بمواعيد وخدمات تختلف عن الفقراء المستفيدين من نظام “راميد”.
هذا الواقع دفع المرصد الوطني للتنمية البشرية، إلى تقديم مجموعة من المقترحات لتجاوز الإكراهات التي تواجه نظام المساعدة الطبية “راميد”، والتي دعى فيها الحكومة إلى إحداث تمويل مستدام، يتيح ضمان ترتيبات تدبيرية من خلال ملائمة الموارد المعبأة مع الخدمة الطبية المقترحة، وكذا إنشاء هيئة تدبيرية تستجيب لمبادئ الحكامة الجيدة لنظام التغطية الصحية وتنفيذ سياسة التسعير والتسديد المحددة من طرف المشرع، وتحسين تنظيم نظام الرعاية الصحية وفقا لمقاربة مندمجة وتشاركية، تراعي الخصائص الخاصة التي ستمكن من تكييف العرض الصحي لكل جهة بشكل أفضل مع خصوصياتها، مع ضرورة تحيين النظام الحالي بشكل منتظم، والاستفادة من إحداث السجل الواحد.
كما إقترح المرصد إنشاء نظام مندمج للإعلام والتدبير الصحي يضمن تسجيل ومراقبة الاستهلاك الطبي الذي يوصف للمستفيدين من نظام “راميد”، سواء في المستشفى أو على مستوى مصالح الرعاية الصحية الأولية ومؤسسات الدعم.