كتبت : لمياء الخلوفي
تعددت الشعارات والحال واحد
على مسرح كبير طلي باللون الأزرق الفاتح، تمشى زعماء الأحرار على الطريقة البريطانية للتواصل مع المواطن المغربي بثوب انجلوسكسوني التطريزة، قيل بأن المغاربة “يستاهلو أحسن” بعد ولايتين للعدالة والتنمية والتي ووجهت بالعديد من الانتقادات اللاذعة، ما بين صمت وشعبوية وأزمة حملتها الجائحة ما كنت لتمر بسلام لولا حكمة وتبصر جلالة الملك.
اليوم يطل علينا تحالف ثلاثي الأذرع توحد فيه الليبرالي بالحداثي والمعتدل، قيل أن للحكومة قيادة متماسكة قادرة على تجاوز الأزمات وتحقيق ما عجزت عنه الحكومة السابقة.
تبعنا التحالف حتى لباب الدار، قصدي أبواب الوزارات، لكن بدلا من أن تفتح الأبواب للحوار صدت في وجه الاعلام والصحافة والفاعل المدني، وقيل دعونا نعمل في صمت على حد قول عادل امام، أن انجازاتنا هي من ستتحدث عنا وليس كلامنا هنا وهناك، في تناقض تام مع ما كان يعاب على رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني ووزراءه حين انتهجوا في وقت من الاوقات سياسة الصمت. قيل قديما الصمت حكمة كما وصفوه بالرضا وان كان الرضا شكلا وليس مضمونا لأن القاعدة الفقهية القانونية ترجح في الصمت الرفض بدل الرضا اذ لا ينسب الى الساكت قول.
فهل صمت وزراء التحالف الثلاثي رضا عن طريقة تدبير الحكومة لقطاعاتها تحت رئاسة أخنوش، أم هو رفض يعكس سابق القول مما فجره زعماء الثلاثي خلال الانتخابات؟
امتحان الازمة
مما لا شك فيه أن لكل حصان كبوة، ولكل حكومة أزمة يجب ان تدبرها بالحكمة السياسية المطلوبة وأن تعبر من خلالها عن حنكة وفكر ثاقب في تدبير شؤون البلاد بسلاسة. سقط حصان طروادة في أوروبا وأعلن زعيم السوفيات الحرب على جيرانه وضرب بيد لا تعرف الخوف، في مخالفة تامة لمسؤولياتها لصون السلم والأمن الدوليين، معتبرا أن أمن بلاده جزء من أمن العالم، فيما ندب زعيم الاوكران بشكل درامي حظه، لكن هذه المرة خارج النص السينمائي، فما وصلت اليه البلاد ستكون له عواقب وانعكاسات على المنتظم الدولي. حقا، مصائب قوم عند قوم فوائد.
استبشر تجار المحروقات في المغرب بغيث البراميل المتساقط من السوق العالمية، فمع ارتفاع سعر البرميل انفجرت شاشات الأسعار لمحطات الوقود لتثير غضبا شعبيا نتيجة جشع شركات توزيع الوقود.
تحمل المغاربة في بداية الامر ما سمى بتداعيات الأزمة، مانحين للحكومة فرصة لتدبيرها، في وعي واضح للمواطن المغربي بالشأن السياسي الوطني، وما بين تصريحات متضاربة هنا واخرى هناك ، استمر ارتفاع الاسعار ابتداءا من الوقود وصولا الى المواد الاستهلاكية، وهو ما يعود بنا مرة أخرى الى حكومة العدالة والتنمية والتي شارك في تدبيرها حزب التجمع الوطني للأحرار واستحوذ على اهم وزاراته، حيث قرر عبد الاله بنكيران حذف الدعم عن المحروقات وحرر الاسعار سنة 2016، وهو ما وجده انجازا مازال يفتخر بتحقيقه في كل خرجاته الاعلامية والتواصلية.
في ذات السياق، عرفت أسعار البرميل عالميا ارتفاعا بلغ 174 دولارا في وقت سابق، ومن أوجه التناقض الحاصلة أن ثمن اللتر الواحد في المغرب لم يتجاوز 8 دراهم في تلك الفترة، على عكس ما يكابده المغاربة حاليا أمام الارتفاع المهول لأثمان المحروقات والتي قاربت 18 درهم للتر الواحد، رغم عدم تسجيل ارتفاع ناري لسعر البرميل كما وقع في الماضي.
لا نستطيع ان ننكر بأن السبب الرئيسي في ذلك هو رئيس الحكومة الاسبق وزعيم المصباح عبد الاله بنكيران حين تشبث بقرار حذف الدعم عن المحروقات، السلطة العمومية في السابق كان يعود لها تحديد ثمن البيع للمواطن واليوم السوق هو من يحدد ثمن البيع النهائي، وبالتالي بعد تحرير الأسعار كيف يمكن التأكد من شروط المنافسة وهل هي متوفرة ام لا، فغلاء سعر المحروقات الذي اتى على جيوب المواطنين قد يدفع بنا الى كارثة أكبر وهي قلة المنتوج.
السنة التشريعية الاولى.. لهيب الأسعار العنوان الابرز
في نهاية كل سنة يتوج الفائز والمتفوق بجائزة التميز، بيد أن حكومتنا لم تكن تتوقع أن تختتم سنتها الأولى باكتساح هاشتاغ شعبي مواقع التواصل الاجتماعي، يتعالى منه تذمر وسخط المغاربة مما آل اليه الوضع، وهي مكافأة لم تحظى بتصفيق الشهود والحاضرين لتناميها بل بدأت تتعاظم بين كافة فئات الشعب المغربي، منطلقة من المطالبة بانخفاض سعر المازوط والايصانص الى 8 و7 دراهم، ولا أحد يعلم الى أي مستقر ستصل !
وكعادة السياسيين، تسلل الجبن الى جانبهم، حيث لم يجرؤ أي من حلفاء اخنوش على الصدح بمؤازرته في منحته، بل عم صمت مما يحصل، وكأن الأمر لا يعنيهم، أما رفاق رئيس الحكومة فقد أعدوا العدة لتخفيف أضرار الحملة النشطة ضد مصالحهم وتليين اراء ومواقف النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من الترويج لأفكار لا ترى حملة تخفيض الأسعار وتدبير حكومة لأخنوش بعين الرضا.
وقد وصلت درجة الشحن والتعبئة بين المؤيدين والمعارضين لحملة المحروقات نسبا قياسية، ودخل نواب يرلمانيون على خط أزمة الثقة بين الحكومة والمواطنين، حيث هاجمت نائبة برلمانية ناشطا وعضوا سابقا بشبيبة حزبها، بسبب بتعبيره عن رأيه بحرية عما يجري في موقع فايسبوك، وموجهة له بالتزام الصمت بنبرة تهديدية لا تخلو من الاعتداد برؤسائها.
وبمناسبة تناول موضوع ارتفاع الأسعار والذي يشكل تهديدا خطيرا للقدرة الشرائية للمغاربة، فإن الفرصة سانحة للتعبير عن امتعاضهم من تلك السياسات العمياء التي لا تعكس برامج الأحزاب السياسية قبل الظفر بأغلبية مريحة تمنحها حق تدبير مقدراتنا وخيرات بلدنا دون حسيب أو رقيب. فالتعبير الحر عن الرأي والتعليق في مواقع التواصل الاجتماعي وفي صفحات رئيس الحكومة وأعضائها أقل ما يمكن ان يقوم المواطن، في واقع تغافلت فيه المؤسسات والهيئات الرقابية من برلمان وهيئات دستورية للحكامة وغيرها عن لعب دورها الحقيقي في حماية المواطنين من أي انتهاكات او شطط في السلطة يمكن ان يمس حقه في العيش بكرامة بعيد المضاربة بمستقبله وحقوقه من أجل منافع ذاتية.
لمياء الخلوفي
صحفية وكاتبة