رمضان رحلة نحو السعادة الأسرية والتقارب الروحي

السعادة الأسرية هي حالة من الرضا النفسي والاستقرار العاطفي التي تعيشها الأسرة كوحدة واحدة، حيث يشعر كل فرد فيها بالانتماء والدعم المتبادل. تتمثل في تحقيق التوازن بين الجوانب الروحية والعاطفية والاجتماعية داخل الأسرة، مما يؤدي إلى شعور أفرادها بالاطمئنان والفرح والارتياح.
تعتمد السعادة الأسرية على عوامل متعددة، مثل التواصل الفعّال، والتفاهم المتبادل، والتقدير، والمشاركة في الأهداف والقيم المشتركة.
ويعرفها علم النفس الاجتماعي على أنها “درجة الرضا التي يشعر بها أفراد الأسرة عن حياتهم المشتركة، والتي تنتج عن تفاعل إيجابي ومستمر بينهم.”
وهي من منظور علم الاجتماع، تُعتبر السعادة الأسرية “نتاجًا للعلاقات الصحية بين أفراد الأسرة، والتي تعتمد على العدالة والتوازن في توزيع الأدوار والمسؤوليات
ويعد شهر رمضان مناسبة ثمينة لتعزيز الروابط الأسرية وبداية جديدة لتحسين العلاقات المتصدعة داخل الأسرة، حيث يجمع بين الجوانب الروحية والاجتماعية والعاطفية، مما يخلق جوّاً من المحبة والتآلف بين أفراد العائلة

أظهر استطلاع رأي قامت به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب أن 68% من الأسر المغربية تشعر بزيادة في السعادة خلال رمضان بسبب العبادات والتجمعات العائلية.
كما أظهرت دراسة أجرتها جامعة محمد الخامس أن 55% من الأسر المغربية تعتبر رمضان فرصة لتعزيز التفاهم والتسامح بين أفراد الأسرة.
فكيف نستثمر هذا الشهر الكريم في تعزيز السعادة الأسرية؟
تسهم أخلاقيات الصيام في جودة العلاقات الأسرية كونه شهر للتسامح وتهذيب النفس وتغيير السلوكيات الخاطئة، وبوابة لتعزيز قيم عظيمة وتعزيز المشاعر الإيجابية والقيم الروحية كقيمة التسامح والصبر والامتنان والتفكر في النعم من خلال عبادة الصوم، وتمتين الروابط الاجتماعية عن طريق تقليل الانشغالات الخارجية والتركيز على اللحظات الأسرية الجميلة مع تخصيص وقت للزيارات العائلية.
من الإفطار إلى السحور: كيف تصنع رمضان سعيدًا مع عائلتك؟

يمكن من خلال العبادات المشتركة مثل الإفطار الجماعي والسحور، صلاة التراويح، صلاة التهجد واستغلال أوقات السحر بالذكر والدعاء، تلاوة القرآن، والمشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية، وغيرها من الممارسات التي تلامس القلوب وتقرب الأرواح.
أيضا الأنشطة المشتركة مثل المشاركة في اعداد الوجبات الرمضانية وتوثيق اللحظات العائلية عبر التقاط الصور أو كتابة يوميات عائلية عن الذكريات الرمضانية، تنظيم مسابقات ثقافية أو فنية وألعاب ممتعة كفيلة بأن تخلق جوًا من الألفة والمرح بين أفراد العائلة وبالتالي تمكنهم من تعميق الروابط العائلية وتجعل العائلات أكثر قربا وسعادة.
كما أن أخلاق الصيام، مثل الصبر والتسامح، تسهم في تحسين العلاقات وتقليل الخلافات، دون أن نغفل أهمية الدعم العاطفي والحوار الإيجابي في خلق فرص لحل الخلافات وتعزيز الحوار البنّاء، مما يجعل رمضان فرصة مثالية لتحقيق التوازن بين العبادة وبناء العلاقات الأسري.
دور هذا الشهر الكريم لا يقتصر على تعزيز المشاعر الإيجابية بين أفراد الأسرة فحسب، بل يمتد ليكون فرصة لتغيير السلوكيات الإيجابية وتقليل الخلافات، وخلق ذكريات جميلة تدوم طويلاً، مما يفتح الباب أمام حياة أسرية أكثر جودة وسعادة واستقراراً.

الدكتورة أمينة الزغامي
مدربة قيادة أسرية ومدربة منظومة القيم التربوية

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد