جواب المحگور …

“ليحمنا الإله من جار السوء، ومن عازف الكمان المبتدئ”
(من التراث الايطالي)

من خصال العرب التي يتميزون بها عن سائر شعوب العالم، البلاغة في الكلام، والاتقان في صياغة ونسج الحروف، لخلق التعابير الجميلة وأحيانا القاسية والمؤلمة، فترى العربي يقول كل شيء جهرا متى أراد، ويضمر المعاني في ثنايا الكلمات متى ما استدعى الامر ذلك، فيتطلب الأمر من السامع أو القارئ لكلامهم، التمعن في ألفاظه والتدقيق في معانيه.

ونحن على أعتاب نصف قرن على معجزة القرن المسيرة الخضراء، التي تحركت كالشلال المنهمر، من أعالي شمال المملكة إلى سهول صحراء البلاد، والتي حركت معها المستعمر الاسباني القديم إلى خارج أسوار الصحراء المغربية، ونحن على أعتاب هذه الذكرى، خطب ملك البلاد، وتحدث فأوجز في الكلام وأسهب في المعاني، فأوجع الخصم وأرضى القريب والصديق.

منذ الخطاب (والخطاب أصبح زمنا، فبعض الكلام تاريخ، وبعضه يسطر المستقبل ويبقى للتاريخ ) والناس تحلل وتناقش وتتعمق في معاني الكلمات، كلمات العرب، وأنا شخصيا انشغلت بغير ذلك، فانصب اهتمامي على شكل الخطاب ونوع الرسائل لما لها من دلالات عميقة في هذا المقام، فلاحظت أن قائد البلاد تجنب الحديث عن الجار إطلاقا، وهذا في حد ذاته وضع الكل في مقامه الصحيح، فكما يقول المثل الحساني “جواب المحكور… السكات” وهذا معناه أن الرد على من لايتوانون عن خلق مشاكل كلما تعلق الأمر بقضية وحدتنا الترابية يكون بالتجاهل، ولو أنهم يشتركون مع من ورد ذكره في المثل الإيطالي أعلاه، وأنهم مفرطون في الإزعاج شأنهم شأن الموسيقار المبتدى الذي يضرب على كل الأوتار بلا ذوق وبلا انسجام.

الجار المزعج (وأنا كذلك أسوة بالملك ) سأترفع اليوم عن ذكره بالإسم، جن جنونه هذه الأيام وصعد بشكل غير مسبوق، محاولا استفزازنا بكل الطرق، يريد رد فعل وجواب فكان الجواب عليه جواب المحكور، والسلام.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد