حديث الأحد…
بقلم : د. ماءالعينين سعد
وانا أحتسي قهوة الصباح، صباح يوم الأحد، وأشاهد برنامج على التلفاز يتحدث عن الطاقة النظيفة وعملية تدوير النفايات وانتاج طاقة منها، تذكرت قصة حدثت مع أحد أصدقائي وزوجته الأجنبية …
صديقي هذا يسمى “الدكالي” وهو مغربي الجنسية، وزوجته سويدية، وعندما قامت بزيارة المغرب أول مرة، أُعْجِبَتْ بالبلاد أيما إعجاب …
تم استقبالها في المطار بحفاوة كبيرة، ووجدت في الانتظار عائلة زوجها بكامل أفرادها من إخوة وأخوات، ومن عمات وخالات، وأصدقاء زوجها وزوجاتهم، جمهور غفير من المستقبلين بالتمر والحليب، والكل يحضن المرأة ويقبلها حتى أصيبت بالدوار من حفاوة الاستقبال …
استقل “الدكالي” وزوجته السويدية وباقي أفراد العائلة السيارات صوب مدينة “الجديدة”، صوب بيت الأسرة، وعند الوصول كان في انتظارهم “الدقايقية” والموسيقى ومجموعة من سكان الحي، وسائر جيران أهل “الدكالي”، رقص الجميع مع “الدقايقية” وعلى رأسهم السويدية التي انسجمت مع الموسيقى، وَسَرَّتْهَا هذه الطقوس الاحتفالية التي خصصها لها المضيفين …
ستقضي “الزوجة السويدية” الأسبوعين القادمين تنتقل بين بيوت أقارب وأصدقاء “الدكالي” وفي كل بيت ستجد في انتظارها الولائم وحفاوة الاستقبال، ودكالة عموما معروفين بحسن الضيافة وهم أهل خير، لدرجة أنها وبعد مدة أصيب المسكينة بالتخمة واصطحبها زوجها للمستشفى لتلقي العلاجات …
قضت تلك الأيام مع زوجها في البلاد، وودعوا الأهل والأحباب واستقلوا الطائرة صوب “العاصمة السويدية” استوكهولم” وعلى متن الطائرة يسألها الدكالي، كيف وجدت البلد ؟
فأجابته كما أجاب اللاعب الدولي وهو سويدي الجنسية كذلك “زلاتان إبراهيموفيتش” الذي أراد أحد الصحفيين احراجه بعد رجوعه من مونديال قطر، وأراد منه أن يتحدث بالسوء عن الدوحة وأهلها، فما كان من اللاعب “زلاتان إبراهيموفيتش” إلا أن أجابه بأن كل شيء كان عشرة على عشرة، الاستقبال، الأكل، الشعب، التنظيم … !
الزوجة السويدية أجابت زوجها “الدكالي” بنفس الجواب، كل شيء كان عشرة على عشرة، وقالت له عندي فقط ملاحظة صغيرة، البيوت أفرشتها جميلة ونظافتها مثالية وتحرصون على ذلك حرصا شديدا، ولكن بالمقابل لاحظت أن الكثير من الناس يلقون الأزبال في الشوارع، وكأن البيوت ملكية تستحق النظافة، والفضاء العام وهو البيت الكبير الذي يضم الجميع لا يستحق نفس القدر من العناية والنظافة … !
يحكي أحد الدبلوماسيين السابقين الروس في شهادته على الحرب الإسرائيلية العربية سنة 1967 والتي انتهت بهزيمة مخزية للدول العربية حيث في ستة أيام فقط احتلت اسرائل، سينا المصرية، والجولان السوري، والضفة الغربية التي كانت تابعة للأردن، وأراضي عربية أخرى، فيحكي هذا الدبلوماسي، أنه وقبل الحرب بفترة ذهب وزير الدفاع المصري “شمس الدين بدران” لزيارة موسكو وطلب السلاح للاستعداد للحرب، وفي فترة زيارته لموسكو كان يخصص بعضا من وقته للقاء المسؤولين هناك والتحدث عن طلبيات السلاح، وبالمقابل يخصص معظم وقته للتجول في أسواق موسكو لاقتناء فراش وتجهيزات لمنزله الجديد في القاهرة … !
فانشغل الرجل بتجهيز بيته عن التركيز على تجهيز جيشه …!
وحدثت الحرب بعد فترة وانكسرت الجيوش العربية ودمرت إسرائيل بيوت كثيرة فوق رؤوس أصحابها … !
جميل الاعتناء بنظافة البيوت وسلامة أهلها ومصلحتهم الخاصة، ولكن لضمان الحفاظ على هذه المكتسبات الخاصة، سيتطلب الأمر حتما الاعتناء بسلامة ونظافة ومصلحة البيت الأكبر المشترك، وإلا يوما ما سيتسرب ما في خارج البيت من ضرر إلى داخله، وحينها لن تنفع نظافته … !
وإلى الاسبوع المقبل