تفهم في السياسة يا ولد ؟ …..نعم ! …..أنا الشعب !
لخص مقطع لا يتعدى الدقيقة الواحدة من مسرحية مصرية من ثمانينيات القرن الماضي معضلة السياسة في العالم العربي وبلدان العالم الثالث وما يترتب عنها من أوضاع اقتصادية واجتماعية جد مؤسفة حينما لا يحظى العنصر الأساسي وهو الشعب بمركزيته في أي رؤية سياسية عند الحكام.
في إحدى المشاهد من مسرحية المتزوجون يسأل الممثل (جورج سيدهم) الذي يتقمص دور الشاب المثقف (حنفي) الممثل (نجاح الموجي) الذي يتقمص دور مساعد جزار (مزيكا) عن مدى معرفته بالسياسية ويجيبه الثاني بكل عفوية ، أنا الشعب !
من أرشيف الأفلام العربية القديمة أيضا يبرز لنا مقطع من فيلم (إحنا بتوع الأتوبيس) لبطليه الممثلين عادل إمام وعبد المنعم مدبولي، حيث يتم اعتقال جابر – الذي تقمص دوره عبد المنعم مدبولي – في الحافلة على اثر مشادة تافهة بينه وبين مراقب المواصلات الذي طالبه بأداء ثمن التذكرة الأمر الذي تطور بشكل كاريكاتوري وعن طريق الخطأ الى اعتقال بتهم سياسية جد ثقيلة و أثناء التحقيق معه من طرف الاستخبارات المصرية تحت التعذيب يسأله الضابط عن علاقته بالميدان السياسي ويجيبه جابر بكل سداجة أن علاقته بها ابتدأت منذ نعومة الأظافر حيث كان أبوه دائما يوصيه قائلا : سايس الناس يا جابر …يا جابر سايس الناس ! ……….والإشاره هنا إلى العلاقة الجد ملتبسة للمواطن مع الشأن السياسي !
هذين المشهدين الذين أسلفنا هما جزء من كوميديا سوداء تمرر فيها معاني قوية بأسلوب ذكي وتختصر في طياتها بعض الحقائق عن واقع عالمنا العربي الردئ للأسف .
حينما وسع الغرب المتقدم مفهوم السياسة والمشاركة السياسية حتى أصبت جزءا من الحياة العادية للمواطنين اقتسم الساسة والمواطنون ثمار النجاحات الباهرة وتعلموا معا من بعض إخفاقاتهم دروسا طوروا بها ذواتهم وبلدانهم .
ولما ضيق “أهل السياسة” لدينا مفاهيم السياسة وجعلوها حكرا على نواديهم الخاصة عم الفساد وسادت الامبالاة واصبحنا نرى نتائج ذلك يوميا على واقعنا المعاش.
أحزاب تعيث في الأرض فسادا، بوصفات جاهزة لكل زمان ومكان يطلقون عليها “برامج انتخابية” في ظل نتائج محسومة سلفا، شباب ضائع بين حياة سياية بئيسة ومطالب اجتماعية تظل هي نفسها تتجدد مع كل حكومة وكل حزب.
يقول نابليون بونابارت “لا تقود شعبا إلا بفتح أبواب المستقبل أمامه فالقائد الناجح تاجر آمال ناجح”.