تأجل الحسم، في الجولة ثانية من الانتخابات التركية مابين أردوغان وكيليتشدار أوغلو

عاشت تركيا، ليلة الأحد- الاثنين، على وقع أمسية انتخابية حبست أنفاس المراقبين والإعلام الوطني والدولي، مع التغير المتواصل للنتائج التي يحصل عليها أردوغان وكيليتشدار أوغلو في كل إفراز جديد لصناديق الاقتراع.

ومع الساعات الأولى من صباح الإثنين، تبين أن كلا المرشحين لم يستطيعا الحصول على أغلبية واضحة، مع آخر الأرقام التي تعطي 49,50 في المائة لأردوغان و44,89 في المائة لخصمه كيليتشدار أوغلو، قبل أن تضع الهيئة العليا للانتخابات حدا للتكهنات وتعلن إجراء جولة انتخابية ثانية للحسم بين المرشحين للرئاسة، لأول مرة في تاريخ الجمهورية التركية التي تحتفي هذه السنة بمئويتها الأولى. وبغض النظر عن النتائج، اعتبر المراقبون الأتراك أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي كان الجميع يتفق على أنها حاسمة لمستقبل البلاد وشديدة المنافسة، كانت “تمرينا ديمقراطيا ناجحا”، لاسيما مع معدل مشاركة قياسي ويوم اقتراع هادئ لم يشهد أي حوادث تذكر.

فمع 88,84 في المائة من الناخبين الأتراك (من مجموع 64 مليون ناخب) الذين توجهوا يوم الأحد إلى مكاتب التصويت (وفقا لتقديرات وكالة الأناضول للأنباء)، برهن الأتراك على تشبهتم القوي بالعملية الديموقراطية في بلادهم. ففي إسطنبول لوحدها، كان من الممكن وبالعين المجردة ملاحظة الطوابير الطويلة أمام مكاتب الاقتراع، والتعبئة المهمة للناخبين، لاسيما من الشباب.

هكذا، حصل أردوغان (مرشح التحالف الجمهوري الذي يسعى إلى ولاية رئاسية ثالثة) على ما يفوق 27 مليون صوت، مقابل ما يقرب من 24,5 مليون صوت لكيليتشدار أوغلو (مرشح تحالف الأمة الذي يجمع ستة أحزاب معارضة)، فيما حصل مرشح اليمين المتطرف سنان أوغان (تحالف أتا) على ما يزيد عن مليونين و800 ألف صوت أو 5,17 في المائة من إجمالي الأصوات.

كما يجب الإشارة إلى المرشح الرابع، محرم إنجة، الذي انسحب من السباق ثلاثة أيام قبل موعد الانتخابات، على إثر فضيحة أخلاقية وضعت حدا لأحلامه الرئاسية، فقد حصل على 0,44 في المائة من الأصوات مع ما يقارب 240 ألف صوت.

وتمكن أردوغان من التغلب على استطلاعات الرأي والتقديريات التي كانت تعطيه خاسرا منذ الجولة الأولى أمام كيليتشدار أوغلو، حيث كان يعتقد بعض المحللين أن أردوغان سيؤدي ثمنا غاليا إثر تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي في السادس من فبراير الماضي، وكذا الارتفاع القياسي لمعدل التضخم وانهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي.

إلا أن الرئيس التركي تمكن من التقدم في الولايات الجنوبية المنكوبة، لاسيما ولاية قهرمان مرعش (بؤرة الزلزال)، حيث حصل على 71,88 من إجمالي الأصوات.

بالمقابل، خسر أردوغان وتحالفه في ولايات ذات رمزية كبيرة، لاسيما ولايتي أنقرة (العاصمة التركية)، وإسطنبول (أكبر المدن والمركز الاقتصادي للبلد وأهم خزان للناخبين)، مما فاجئ الكثير من المراقبين، لاسيما وأن أردوغان هو ابن مدينة إسطنبول، ومنها انطلقت مسيرته السياسية حيث كان عمدتها لمدة أربع سنوات (1994-1998).

فقد حصل الرئيس المنتهية ولايته على 46 في المائة من الأصوات في ولاية أنقرة، مقابل أكثر من 47 في المائة لكيليتشدار أوغلو، و46,89 في المائة في إسطنبول، مقابل 48,55 في المائة لغريمه.

وبعد الإعلان عن النتائج الأولية، قال كيليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، الحزب التاريخي الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، “إذا كان قرار أمتنا إجراء جولة ثانية، سوف نفوز بها حتما”، مضيفا أن “إرادة التغيير في المجتمع أعلى بكثير من 50 بالمائة”. وكذلك أعرب أردوغان عن احترامه لإرادة الناخبين بإجراء جولة ثانية، معتبرا أن نسبة المشاركة العالية هي ”انتصار للديمقراطية التركية”. أما بخصوص الانتخابات التشريعية، فتنفس التحالف الجمهوري (الذي يضم أحزاب العدالة والتنمية، والحركة القومية، والرفاه الجديد) الصعداء مع حصولهم على 49,46 في المائة من الأصوات، مقابل 35,02 في المائة لتحالف الأمة المعارض (الذي يضم أحزاب الشعب الجمهوري، الخير، السعادة، الديمقراطي، المستقبل، الديمقراطية والتقدم).

كما حصل “تحالف العمل والحرية” (يسار) على 10,54 في المائة من الأصوات، و”تحالف أتا” (اليمين المتطرف) على 2,44 في المائة.

ويظل اليوم السؤال مطروحا حول اسم المرشح الذي سيحصل خلال الجولة الثانية على دعم سنان أوغان (قرابة 3 ملايين صوت). فهذا الأخير لم يعلن رسميا اختياره، إلا أنه لمح في تصريح صحفي إلى إمكانية دعم كيليتشدار أوغلو.

وقال أوغان، المعروف بعدائه الشديد للأجانب، إنه من الممكن دعم كيليتشدار أوغلو “إذا وافق الأخير على شروط كتلته السياسية، لاسيما إقصاء حزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأقلية الكردية) من أي تحالف وقطع أي علاقة معه، وكذا التعهد الواضح بترحيل اللاجئين السوريين من تركيا”. يذكر أن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ستجرى يوم 28 ماي الجاري، ولن تشمل الشق التشريعي الذي تعتبر نتائجه نهائية.

 

المصدر ميديا : و م ع 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد