في 14 فبراير سنة 273 ميلادية، أعدم القديس فالنتين عندما خالف أوامر الامبراطور كلوديوس الثاني، رافضا انكار المسيحية، متعمدا على أن يبارك زواج شابة مسيحية من جندي وثني. ليست هذه سوى رواية من ضمن أخريات لتبرير الاحتفال بعيد الحب، الذي تفرق بصدده المغاربة بين منتصر له وداع للاحتفاء به، ورافض ومنكر له، بل وحتى محرم له في ظل فوضى الافتاء.
مهما يكن من أمر فالمناسبة شرط، و عيد الحب يسائلنا بالحاح في ظل تبلد وتكلس العواطف، وموت المعنى واهتراء الانسان، يسائلنا ويفجعنا لما نول النظر باتجاه قبلة السياسة المغربية، حيث البلوكاج والهدر السياسي والتنموي.
اعدام القديس فالنتين جعل منه شهيد الحب لأنه بارك المودة والمحبة، لقد سبح عكس التيار ولم يقبل المساومة على مبادئه، واليوم ونحن نشهد تطاحنات سياسية في حلبة العراك السياسي المغربي، ندرك كم نحن بحاجة الى الحب، والى زعماء سياسيين يجمعهم حب الوطن بعيدا عن أية نعرات ايديولوجية او مصالح شخصية، بعيدا جدا عن الحسابات السياسية الضيقة، حب فوق المصالح والمناصب، فالنضال هو المحبة والتفاني في خدمة الوطن بعيدا عن أي ريع سياسي، لان المبادىء لا تقبل المساوة .
ترى لماذا غادر الحب السياسية؟ ولماذا استوحش النضال دروبه ؟ لماذا غادر الحب الأحزاب وباعدت بينها الايديولوجيات والكراسي؟ لماذا فقد الحب مابين المواطن والسياسي؟ لماذا رحل عنا قديس الحب؟.
بعد مرور أزيد من 120 يوما على تعيين رئيس الحكومة وتوقف المشاروات حول تشكيلها، لم يبد المواطن أي انزعاج من ذلك، بل أبان عن شرخ كبير بينه وبين سياسييه ومؤسساته، معتبرا أن الخير حل بالوطن بعد غياب الحكومة وعن أحزاب سياسية لا تكن له أي حب او ود، متفقين حول حبهم لوطنهم.
عندما دخل الزعيم السياسي الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي الى المستشفى، زاره ملك البلاد محمد السادس في خطوة ذات مغزى انساني نبيل، تجاه سياسي من الزمن الجميل احب الوطن بخدمته، فالملك أبان وحرص على اثبات هذه المحبة لكل المناضلين وهو ذات الفعل الذي قام به بعد مرض الزعيم السياسي محمد بوستة، وهو الفعل الذي غاب عن قياديين اخرين،والذين لن يتذكرهم التاريخ نهائيا.
لربما نحتاج اليوم الى جرعات حب زائدة تعيد الينا توازنا مفتقدا وتذهب عنا هذا البلوكاج العاطفي الذي عمل على تبخيس العمل السياسي وتوسيع الهوة بين المواطن ومؤسساته، منتجا أزمة ثقة كبرى.
ما احوجنا الى الحب، ونحن نعيش زمن اللاحب، ما احوجنا الى ساسة يحبون الوطن لا كراسيه الوتيرة، يحبون المواطن، لا صوته الانتخابي، يحبون أحزابهم لا مصالحهم العابرة، ما احوجنا الى الهؤلاء حتى ننتصر على هذا البلوكاج السياسي الذي يسرق منا الزمن المغربي.