خلفت تصريحات وزير الخارجية الجزائري “صبري بوقادوم” جوابا عن سؤال يتعلق بملف الصحراء وعدم تعيين ممثل شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة فيها لحد الآن، بـ”ضرورة تعيين مبعوث جديد في أقرب وقت ممكن”، مردفا أن “المشكلة طالت لأمد لا نرضى به، وقد تتراكم المشاكل ويزداد سوء التفاهم”، تساءلات حول إمكانيات نهاية إعلان الجزائر اخلاء مسؤوليتها من نزاع الصحراء المغربية.
وفي قراءة لتصريح وزير خارجية الجزائر، إعتبر الخبير في الشؤون الاستراتيجية الجزائرية إسماعيل معراف من الجزائر، في تصريح للمصدر ميديا، أن ” المشكلة لدى الطرف الجزائري للأسف أنه لا يبحث عن حل للمشاكل القائمة بشكل مباشر، بل يرغب دوما في أن تظل حتى يستعملها بطريقة تخدم أجنداته المتعلقة باستعمالها كورقة لاستمرار نظام حكمه”.
وأضاف معراف، ان هذه الطريقة في التعامل مع القضايا العالقة بين المغرب والجزائر، تبقى رهينة المحاولة الدائمة للجزائر بـ”عدم اعترافها بأنه طرف معني بل فقد طرف مهتم”، معتبرا ان الجزائر كان من الأجدر ان تبحث بوسائل اخري، بعيدا عن منطق “الصراع الخفي الظاهر”، عن وسائل “مسهلة لفك شفرة تأزم العلاقات بين البلدين، مثل الوساطة والنظر ببراغماتية جادة الي مستقبل العلاقات بين الشعبين”.
وإعتبر الخبير في الشؤون الاستراتيجية الجزائرية، على ان “مواصلة التسويق للطرح “الإنفصالي” لا يخدم المنطقة بل يزيد من التوتر والإنسداد ويجعل من المشكل بين الجارين لتتعاظم بشكل خطير”.
وفي ذات السياق، إعتبر عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في شؤون الصحراء المغربية، في تصريح خص به المصدر ميديا، أن “الجزائر اتخدت مواقف القطيعة التواصلية مع المغرب وهو ما يمنع اي امكانية لإنضاج حوار منتج للحلول تجاه أي قضية كانت ثنائية او إقليمية او دولية”.
وأوضح الفاتحي، ” أن الجزائر وبعدما تدرعت بعدم الرد على المقترح الملكي بشأن تشكيل لجنة الحوار وفق ما تراه الجزائر ملائما للتطبيع بين البلدين بدعوى عدم بعث رسالة مضمون الخطاب الملكي بهذا الصدد كوصية رسمية عبر الجهات الدبلوماسية، رغم أن المغرب استدعى السفير الجزائري وسلمه مضمون المقترح المغربي لكن الجزائر واحد الآن لم ترد على ذلك”.
وتابع الخبير في شؤون الصحراء المغربية، أن ” التخبط الدبلوماسي الجزائري يعمل بطرق عدائية في الظلام ضد المصالح القومية لبلد جار وشقيقة”، معتبرا أن ” النظام المنصب بمنطق عسكري على الشعب الجزائري لايزال يعيش ارتباكا شديدا بين الادعاء بنفي علاقته بالصحراء وتسخير موارد دبلوماسيته لصالح اجندة الطرح الانفصالي في الصحراء المغربية”.
وشدد الفاتحي، أن “واقع الحال اليوم يؤكد أن من نتائج اعمال الدبلوماسية الجزائرية أن أصبح البلد القوي افريقيا وعربيا محاصرة نتيجة ارتباكه هذا، في ظل دبلوماسية مغربية قوية يؤكدها تواصل فتح القنصليات الافريقية بالأقاليم الجنوبية ولم يصدر أي رفض دولي او افريقي الا من الجزائر فقط، بل ان حتى جبهة البوليساريو لم تستنكر على الدول الافريقية التي اعلنت فتح قنصليات لها بالصحراء، واقع يضيف الخبير الإستراتيجي “يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان المغرب يخاصم الجزائر في قضية الصحراء وليس البوليساريو”.
وأبرز الخبير الإستراتيجي المغربي أن “مسار العزلة الدبلوماسية للجزائر سيتواصل بعد رفض جامعة الدول الغربية حضور البوليساريو في القمة العربية الافريقية”.
وتاتي تصريحات بوقادوم في ظل إعلان الدول الأفريقية التي فتحت قنصليات لها في مدينة العيون، وهو الأمر الذي أثار حفيظة السلطة الجزائرية، التي قال عنها وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم نفسه، إن نظيره المغربي ناصر بوريطة، قام ” بتصرفات استعراضية غالبا ما كانت تصل إلى حد الاستفزاز”، في إشارة إلى تصريحاته عقب إفتتاح القنصليات المذكورة.
وكانت الجزائر قد اخلت مسؤوليتها من نزاع الصحراء المغربية، على الرغم من أنها تُعدّ البلد الداعم والحاضن والممول الرئيسي لجبهة البوليساريو الانفصالية؛ فقد أكدت، مساء أمس الجمعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن حل هذا النزاع الإقليمي لن يتأتى إلا عن طريق الحوار بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وقال صبري بوقدوم، وزير الخارجية الجزائري، في كلمة باسم الجزائر، أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن بلاده تتمنى أن “تسود روح الحوار بين الأشقاء في المغرب وجبهة البوليساريو من أجل التوصل إلى حل نهائي يضمن للشعب الصحراوي ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير، وفق مبادئ الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة”.
وعبرت الجزائر، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن أسفها لعدم تحقيق الديناميكية التي توقعها الأمين العام للأمم المتحدة في قضية الصحراء، وأضاف صبري بوقدوم في هذا الصدد: “نأسف لاستقالة المبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كوهلر”.