باحثون: الزلزال الملكي عودة قوية لشعار المساءلة

كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن عدد من الثغرات التي طالت ” مشروع الحسيمة منارة المتوسط”، بعد التحقيقات التي طالب جلالة الملك بفتحها بعد الأحداث التي شهدتها مدينة الحسيمية احتجاجا على الوضع الاجتماعي المزري.

لتتوالى الاحداث بعد الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان الذي خلق رجة لدى جل الفاعلين السياسيين وكبار المسؤولين ، والذي دعى للتحلي بالموضوعية ، وتسمية الأمور بمسمياتها، دون مجاملة أو تنميق، واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة ، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسي، زلزال تطلعت اليه أعناق المواطنين فيما تحسس الكثير من المسئولين كراسيهم، باحثين بين أوراقهم عن ما قد يسقط عليهم المسؤولية.

اختلالات و اخفاقات كان لابد من القطع معها باحداث زلزال سياسي كما جاء في نص الخطاب الملكي، ليتم اعفاء وزراء و مدراء مركزيين، وهو ما يستند من الناحية القانونية على تقرير المجلس الأعلى للحسابات المتعلق ببرنامج الحسيمة منارة المتوسط، وهذا ما يشكل تعليلا وتسبيبا موضوعيا لتحريك سلطة الإعفاء الدستوري طبقا للفقرة الثالثة من الفصل 47 من وثيقة 2011.

توسيع مساحات المسؤولية

امين السعيد، باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية

علق الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية أمين السعيد على الاعفاءات الملكية التي طالت كل من تبث في حقه التماطل في اداء واجبه بخصوص مشروع ” الحسيمة منارة المتوسط “، قائلا : ” إن الاشارات السياسية تكشف عن تراجع فرضية التوتر الحاصل بين حزب العدالة والتنمية وجزء من المحيط الملكي، وهو ما يؤشر على حيادية وموضوعية التقرير المرفوع من لدن المجلس الأعلى للحسابات ويعزز من استقلالية هذه المؤسسة”.

يعتقد الباحث أمين السعيد أن بلاغ الديوان الملكي يعكس مدى التجاوب والتفاعل الملكي مع الطلب المجتمعي الداعي إلى توسيع مساحات المسؤولية، حيث أثير نقاش عمومي واسع بعد خطاب عيد العرش الأخير وتكرس هذا النقاش بعد خطاب إفتتاح الدورة التشريعية الذي وصف إعلاميا بخطاب الزلزلا السياسي.

وأوضح امين السعيد في تصريح للمصدر ميديا ، بأن العودة القوية لشعار المساءلة، دافعا قويا لتحريك وتفعيل مقتضيات الدستور، نلمس ذلك من خلال إستناد بلاغ الديوان الملكي على مفاهيم ومصطلحات تعرضت لموت بطيئ منذ إقرار دستور 2011، لذلك يعد هذا الإجراء الدستوري الجريئ بمثابة تحريك وإحياء لمقتضيات دستورية نظرية وتفعليها على أرض الواقع.

وهنا أشير إلى أن الملك قدم إشارات سياسية قوية من شأنها أن تصحح العلاقة المختلة بين الدولة والمجتمع، وكان من المنتظر أن تصدر هذه الإشارات من مختلف السلطات الدستورية؛ حيث إن دستور 2011 يخول لرئيس الحكومة في إطار الفقرة الرابعة من الفصل 47 من الدستور، أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة. كما أن المشرع يعطي للبرلمان (ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين) طبقا للفصل 67 من الدستور إمكانية تشكيل لجان نيابية لتقصي الحقائق لمعرفة أسباب تأخر مشروع منارة المتوسط. كل ذلك يقود إلى الخروج بخلاصة أولية مفادها بأن المغرب يعيش تحول سياسي بتفعيل رئاسي لمقتضيات الدستور.

تقرير المجلس الأعلى للحسابات يكشف عن بطء الانجاز

من جانب كشف التقرير التي تقدم به المجلس الأعلى للحسابات عن بطْ انجاز البرامج المتعلقة باتفاقية أكتوبر 2015، اذ انه منذ تاريخ توقيع الاتفاقية الى حدود شهر فبراير 2017، لاحظ المجلس ضعف، بل غياب أية مبادرة فعلية للشروع في إنجاز المشاريع من قبل أغلبية المتدخلين على المستويين المركزي والمحلي.

إذ أنه من بين 644 مشروعا مبرمجا لم تسجل حصيلة سنة 2016 سوى إنجاز 5 مشاريع بقيمة 146,8 مليون درهم والبدء في إنجاز 45 مشروعا آخرا بقيمة 565 مليون درهم.

ويعتبر المجلس الأعلى للحسابات أن قرار تكليف الوكالة بإنجاز عدد كبير من المشاريع بمبلغ إجمالي يفوق 3 مليار درهم، أي 46 % من مجموع ميزانية البرنامج، يعرض تنفيذ المشاريع الى مجموعة من المخاطر من حيث التتبع والتكلفة والآجال، بحيث يتساءل المجلس حول قدرة الوكالة على تنفيذ برنامج من هذا الحجم ينضاف إلى برامجها الاعتيادية التي تنجزها في أقاليم الشمال الأخرى، وذلك بالنظر إلى إمكانياتها البشرية المحدودة و، يرى المجلس أن اللجوء المتسرع إلى خدمات الوكالة من طرف عدة قطاعات وزارية، كالتربية الوطنية والصحة والشبيبة والرياضة والثقافة والبيئة، يبقى غير مبرر ويعكس على نحو التملص من التزاماتها على حساب هذه الوكالة، وذلك بالرغم من توفر هذه الوزارات على القدرات اللازمة والخبرة الكافية لإنجاز مشاريع مماثلة يتم تنفيذها بصفة اعتيادية على الصعيد الوطني.

عودة بنكيران الى واجهة المحاسبة السياسية

محمد رضا مقتدر، باحث في القانون الدستوري

عبرت مختلف الخطابات الملكية السابقة عن ضرورة تفعل المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، ليتم اعفاء يوم أمس عدد من الوزراء والمسؤولين، وفي هذا الاطار علق الباحث في العلوم السياسية محمد رضا مقتدر ” أن هذا الإعفاء يعيد عبد الإله بنكيران إلى واجهة المحاسبة السياسية أمام حزبه وأمام الرأي العام باعتباره كان رئيسا للحكومة التي شهدت اختلالات من قبل بعض أعضائها في ملف المشاريع التنموية لإقليم الحسيمة. وأيضا عبد الإله بنكيران هو من اقترح تعيين علي الفاسي الفهري في منصب مدير عام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب”.

واستطرد مقتدر ” أن هذه الإعفاءات لم تشمل الوزراء والمسؤولين المحسوبين على حزب العدالة والتنمية، لكن هذا لا يعني خلو المسؤولية السياسية للحز وهو الذي يرأس الأغلبية الحكومية”.

مضيفا ” أن هذا الاعفاء يحرج البرلمان الذي يتمتع بصلاحيات واسعة في مراقبة الحكومة سواء من خلال الآليات الدستورية للمراقبة، أو من خلال طلب الرأي من مجموعة من المؤسسات الدستورية والاستشارية التي بإمكانها مد البرلمان بمجموعة من المعطيات التي يمكن من خلالها إعمال محاسبة ومراقبة حقيقية للعمل الحكومي”.

أن هذا الاعفاء الملكي يقوي الطابع الرئاسي للنظام الدستوري المغربي، من خلال هيمنة المبادرات الملكية على الحكومة دون المؤسسة التشريعية التي لازالت لم تضفي أبسط مقومات وسمات النظام البرلماني التي أقرها دستور 29 يوليوز 2011.

حصة الاسد طالت الأحزاب الضعيفة داخل الحكومة

الزوبير بوحوت، مهتم بالشأن العام واعلامي

من جانبه يقول الإعلامي الزوبير بوحوت المهتم بالشأن العام، بان حصة الأسد من الاعفاءات طالت حزب الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية وهما من بين الأحزاب الضعيفة داخل التشكيلة الحكومية سواء السابقة أو الحالية، وهو ما يعني الاستعداد السياسي لدخول حزب الاستقلال و تمهيد الطريق له.

وتابع الزوبير ” نظرا لحجم هذا البرنامج التنموي، وتعدد المتدخلين فيه، فإنه كان من الواجب أن تتحمل الحكومة واللجنة الوزارية بالتتبع، مهمة الإشراف المباشر عليه، بمبادرة من وزير الداخلية، لاسيما أثناء فترة انطلاقته”.

وأضاف الزوبير بوحوت المهتم بالشالن العام ” بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بن كيران مغضوب عليه لكن إدراج اسمه ضمن اللائحة وما يترتب عن ذلك فيها إشارة لإعدامه سياسيا فورا علما انه يطمح لولاية ثالثة داخل المصباح “.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد