انتكاسة دبلوماسية أخرى لجنوب إفريقيا

في انتكاسة دبلوماسية كبيرة لجنوب إفريقيا، أثار طرد سفيرها لدى الولايات المتحدة، إبراهيم رسول، جدلا حادا داخل البلاد حول إخفاقات السياسة الخارجية التي ينتهجها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الحاكم منذ 1994.

وحلل الخبراء هذا الحادث الدبلوماسي بانتقادات لاذعة، مشيرين إلى تداعياته الأوسع على مكانة جنوب إفريقيا في العلاقات الدولية.

وقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الجمعة الماضي، الدبلوماسي الجنوب إفريقي شخصا غير مرغوب فيه.

ويرى المحللون السياسيون أن هذا الطرد يشكل دليلا على فشل الرهان الدبلوماسي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، مما سيكلف البلاد وشعبها ثمنا باهظا. وقد وجهوا انتقادات حادة للحزب التاريخي بسبب ما وصفوه بـ”المناورات الدبلوماسية غير المسؤولة”.

وتأتي هذه المخاوف في أعقاب سلسلة من الإجراءات التي اتخذها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والتي أدت إلى تفاقم التوترات مع الولايات المتحدة. وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد اتهم سابقا حكومة جنوب إفريقيا باستهداف المواطنين البيض عبر سن قانون لمصادرة الأراضي، معتبرا أن هذا القانون يفرض “تمييزا عنصريا جائرا” ضد الفلاحين الأفريقيين من ذوي البشرة البيضاء.

ونشر ترامب على منصة “تروث سوشيال” الخاصة به أن “أي فلاح في جنوب إفريقيا يسعى إلى مغادرة هذا البلد لأسباب أمنية سيكون موضع ترحيب في الولايات المتحدة الأمريكية مع تسريع إجراءات حصوله على الجنسية”.

وقد تعرض رد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على هذه الاتهامات لانتقادات بسبب افتقاره إلى الوضوح والنجاعة، ما أدى إلى نهج دبلوماسي غير كاف. وأعرب بعض المحللين عن استغرابهم من أنه في ظل التوترات الدبلوماسية الحالية، “رأى قادة الحزب أنه من المناسب دعوة السفير الإيراني لدى بريتوريا، منصور شكيب مهر، إلى مقر الحزب الأسبوع الماضي”.

وفي هذا السياق، أبدى الرئيس التنفيذي لمنظمة “AfriForum”، كالي كريل، قلقه العميق بشأن تداعيات طرد الدبلوماسي الجنوب إفريقي، محملا حزب المؤتمر الوطني الإفريقي مسؤولية ما وصفه بـ”الخطأ الدبلوماسي الذي يهدد علاقات البلاد الدولية”.

وحذر كريل من أن مناورات الحزب قد تقود جنوب إفريقيا إلى طريق الدمار، مشددا على ضرورة إجراء تغيير واضح في مسار السياسة الخارجية للبلاد.

وينطبق الأمر نفسه على المحلل السياسي سانديل سوانا الذي نبه إلى أن جنوب إفريقيا ينبغي أن تستعد الآن لمزيد من التحديات الدبلوماسية. وقال إن “الطرد يأتي في سياق تصاعد التوترات بين البلدين”.

وفي ما يتعلق بتداعيات سياسة بريتوريا الخارجية، رأى الخبير أن الطرد يشير إلى تحول ملحوظ في العلاقات الدبلوماسية، داعيا حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى الاعتراف بمسؤوليته عن أخطائه في السياسة الخارجية.

وأبرز أن “إعطاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الأولوية لمصالحه الحزبية على حساب رفاهية الأمة أدى إلى هذه الإخفاقات الدبلوماسية“.

وفي السياق ذاته، أشار المحللون إلى أنه رغم أن التداعيات الاقتصادية المباشرة ليست واضحة بعد، إلا أن التأثيرات طويلة الأمد على المقاولات الأمريكية العاملة في جنوب إفريقيا قد تكون كبيرة.

وحذروا من أن اتفاقيات التبادل الحر غير المشروطة قد ولت، ومن المرجح أن تتطلب المفاوضات المستقبلية تقديم جنوب إفريقيا تنازلات في عدة ملفات.

ونبهوا أيضا إلى أن تدهور العلاقات قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة، لا سيما إذا لم يتم تجديد قانون النمو والفرص في إفريقيا (أغوا)، حيث يضطلع الأخير بدور محوري في دعم صادرات جنوب إفريقيا إلى الولايات المتحدة، وقد يشكل فقدانه المحتمل تأثير كبير على القطاع التجاري في البلاد.

ويعني هذا أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي تعرض لهزيمة انتخابية مدوية في الانتخابات العامة التي جرت في 29 ماي الماضي، حيث فقد أغلبيته في البرلمان، يواجه الآن انتكاسة سياسية أخرى تضع جنوب إفريقيا الآن في موقف دولي صعب.

 

المصدر ميديا : و م ع

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد