المناصفة بين الشكل والجوهر 

ارتفع عدد النساء في في حكومة سعد الدين العثماني، إلى 9 نساء. فيما كانت الحكومة المنتهية ولايتها، تضم في تشكيلتها ستة وزيرات فقط.

في السياسة كما في الحرب كما في عموم شؤون الحياة تتحمل النساء القسط الأكبر من الأعباء وبالمقابل يقع على رؤوسهن الشطر الأكبر من الأضرار الجانبية ؛ وعندما تضع الحرب أوزارها وسياسيا يحين موعد جني الثمار يكون نصيبهن فتات الموائد.

إن أكبر المحطات في العمل السياسي والتي يمكن أن تعطينا صورة واضحة عن وضعية النساء في الحقل السياسي هي فترة الانتخابات ؛ فالمرأة على أكتافها تبنى الحملات الانتخابية حيث أن النسبة الأكبر من العاملين في الدعاية الانتخابية والمتعاطفين نساء ؛ والجمعيات النسوية التي يخطب ودها المرشحون هي الأكثر تأثيرا في الشارع وخصوصا الأحياء الشعبية والمناطق النائية ؛حيث يعرفن في الأوساط الشعبية بجديتهن وتفانيهن في العمل الجمعوي وقدرتهن على حشد الأصوات تكون مرجحة في عدة دوائر انتخابية ؛ وإن نظرنا كذلك للإحصائيات المرتبطة بعملية التصويت نجد أن نسبة كبيرة من رواد مكاتب التصويت يوم الاقتراع هم نساء ؛ إذن فالعملية برمتها تتعهدها أيادي القسط الأكبر منها نسوي ومن المفترض أيضا أن الأمر سينطبق كذلك على مرحلة جني ثمار هاته العملية السياسية المهمة والتي تفضي لتشكيل حكومة تسير الشأن العام وشأن هولاء النساء أيضا .

هنا تبدأ الأمور  (كما حدث في حكومة العثماني المشكلة حديثا وكل الحكومات التي سبقتها ) تأخذ مجرى عنوانه التنكر لشريكة الأمس ؛ شريكة العمل السياسي ويبدأ السياسي (الذكر) المغربي في احتكار المناصب والمواقع ويظهر ذلك جليا في تركيبة الحكومة حيث حصدت الذكورة ثلثي حقائب الحكومة و وقنعت المرأة بالثلث وتسعة أعشاره كتابات دولة وحقيبة وزارية يتيمة و وحيدة  ؛

وكأن السياسة في مرحلة تقسيم المناصب الحكومية تسقط فيها الأقنعة عن خطابات المناصفة وتطل الحقيقة برأسها وأننا مجرد بلد آخر من دول العالم الثالث قشوره متحضرة متنورة وجوهره نظام تقليدي عتيق بينه وبين التغيير الحقيقي أشواط .

ولايسعنا هنا الا أن نتساءل مع  الباحث في القانون العام ،  الاستاذ عمر العلاوي في تصريح سابق للمصدر ميديا، هل الممارسة الحزبية وطنيا ما زالت أضعف من إنتاج نخب سياسية نسوية قادرة على تصدر المشهد الحزبي والسياسي الوطني ، ومن ثم الولوج إلى مراكز القرار الوزاري ؟ أم أن مشاركة المرأة أصلا أضعف من المساهمة في خلق هذه الدينامية السياسية النسوية التي مازالت تعول على مقاربة تفضيلية و تضامنية من داخل التنظيمات الحزبية ؟

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد