المسافة الذكية بين الزوجين: عندما يصبح الابتعاد طريقًا للقرب

ما هي المساحة الخاصة؟
المساحة الخاصة هي الوقت والحرية التي يحتاجها كل فرد لممارسة هواياته، والتفكير في ذاته، أو حتى الاسترخاء بعيدًا عن شريكه. هذه المساحة ضرورية للحفاظ على الهوية الفردية، وتجديد الطاقة العاطفية، وتعزيز الاحترام المتبادل بين الشريكين، دون أن تفقد العلاقة قوتها.

لماذا يُلغي البعض المساحة الخاصة؟
1. الاعتقاد الخاطئ بأن الحب يعني الالتصاق الدائم: يعتقد البعض أن القرب المفرط هو تعبير عن الحب، لكنه في الحقيقة قد يؤدي إلى الاختناق العاطفي. الحب يحتاج إلى مساحة لينمو، وعندما يتحول إلى تملك، يفقد بريقه.
2. الغيرة المفرطة: الخوف من فقدان الشريك قد يدفع أحد الطرفين إلى محاولة التحكم في كل تفاصيل حياة الآخر.
3. نقص الثقة: عدم الثقة في الشريك قد يؤدي إلى إلغاء المساحة الشخصية كوسيلة للسيطرة.
4. التأثر بالنماذج الاجتماعية: رؤية نماذج زوجية غير صحية في المجتمع والعائلة قد تعزز فكرة أن الزواج يعني التخلي عن الاستقلالية.

تأثير إلغاء المساحة الخاصة
يقع الكثيرون في فخ إلغاء هذه المساحة بعد الزواج، خاصة النساء اللاتي يعتقدن أن التفرغ التام للزوج هو سر السعادة. لكن الحقيقة أن إلغاء هذه المساحة يؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا، ويبدأ الشريك في النفور، مما يخلق توترًا في العلاقة .

من هذه التأثيرات:

1. الشعور بالاختناق العاطفي: وهي حالة يشعر فيها الشخص بأنه محاصر أو مثقل بعلاقة عاطفية مكثفة، حيث يشعر بأنه لا يوجد مساحة كافية له للتعبير عن نفسه أو ممارسة استقلاليته.
2. التعلق المرضي: وهو نمط غير صحي في العلاقات يتميز بالاعتماد العاطفي المفرط والخوف من الانفصال.
3. فقدان الحدود الصحية: العلاقات الناجحة تحتاج إلى حدود واضحة. إلغاء المساحة الخاصة يمحو هذه الحدود، مما يجعل العلاقة مختلة ويُشعر الطرفين بالضغط والتوتر نتيجة لعدم احترام المساحة الشخصية وخلل في التوازن بين القرب والاستقلالية، والتضحية بالهوية الشخصية.
4. تأثير على الصحة النفسية: التعلق المرضي الناتج عن إلغاء المساحة الخاصة يمكن أن يؤدي إلى قلق دائم، واكتئاب، وحتى اضطرابات نفسية أخرى. الشخص قد يشعر بعدم الأمان وفقدان السيطرة على حياته.

كيف نحافظ على المسافة الذكية؟
لهذا يحتاج الشريكان إلى توضيح ومناقشة الاحتياجات الفردية، والاتفاق على حدود واضحة لاحترام حاجة كل طرف للراحة وممارسة الهوايات، أو قضاء وقت منفصل. لكن قد تواجههما بعض التحديات في الالتزام بالمسافة الآمنة، ومن هذه التحديات:
– سوء الفهم: فقد يُفسر الابتعاد على أنه عدم اهتمام. لهذا، لابد من التواصل الواضح حول أسباب المسافة وأهميتها.
– الخوف من الانفصال: قد يخشى أحد الطرفين أن تؤدي المسافة إلى تباعد أكبر، وهذا يحتاج إلى طمأنة الشريك بأن المسافة مؤقتة وهادفة.

المسافة الذكية: سر توازن العلاقة الزوجية

الأصل أن يحدث توازن بين المساحة الخاصة لطرفي العلاقة والمساحة المشتركة. فلا يلغي الطرفان مساحاتهما الخاصة، فتصبح الحدود الشخصية غير واضحة وقابلة للاختراق، وبالتالي يحدث الكثير من التدقيق والمعاتبة والمحاسبة والمشكلات. ولا ينبغي البقاء في المساحة الخاصة دون وقت نوعي مشترك، فهذا سيحدث شرخًا عاطفيًا كبيرًا.

المسافة الصحية بين الأزواج هي مفتاح التوازن في العلاقة الزوجية. عندما نتعلم كيف نبتعد بطريقة صحية، نخلق مساحة للنمو الفردي وتعزيز الروابط.

المسافة الذكية : السر الذي يجعل الحب يدوم للأبد.

العلاقة الزوجية الناجحة هي التي تجمع بين القرب العاطفي والاستقلالية. عندما يفهم الشريكان أن الحب ليس تملكًا، بل هو مشاركة وتفاهم، تصبح العلاقة أكثر قوة واستقرارًا، وتوازنًا سحريًا بين القرب والحرية، وتصبح الحدود جسرًا لا فجوة.

الدكتورة أمينة الزغامي
مستشارة أسرية وتربوية
مرشدة علاقات زوجية وتأهيل المقبلين على الزواج

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد