المجلس الوطني للصحافة بين إكراهات التنصيب والتنصيص

دخل المغرب في ورش إصلاحي شامل للمنظومة القانونية في إطار نهجه مقاربة تشاركية، مع اشراك مختلف فعاليات المجتمع المكون لميدان حرية الرأي والتعبير، وخاصة الجسم الصحفي، حيث نص الدستور في بابه الثاني، على المبادئ الأساسية لحرية الصحافة والحريات الأساسية، وحيث جاء في الفصـل 25 على أن ” حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.

حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة”. تم في الفصـل 28 ” حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.

للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.

تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به.

يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها. ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل، مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي.

وتسهر الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على احترام هذه التعددية، وفق أحكام الفصل 165 من هذا الدستور”.

فما المقصود بحرية الفكر والرأي والتعبير، ومن يضمن ممارستها؟. وكيف تمارس؟.

حرية الفكر:
فوفق المادة 18 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن حرية الفكر هي” لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”.

حرية الرأي والتعبير:
يعبر مصطلح الحق في حرية الرأي عن الحق في اعتناق الآراء المختلفة دون أي تدخل من الآخرين، ودون الخضوع لأي استثناء أو تقييد، كما يشمل حرية التعبير عن هذا الرأي الخاص بأية وسيلة بما في ذلك طرق الاتصالات المكتوبة، أو الشفوية، أو وسائل الإعلام المختلفة، والأعمال الفنية، والإعلانات التجارية، غير أن هذا الحق ليس مطلقا بصورة تامة بل تقيده بعض المسؤوليات الخاصة لعدة أسباب مهمة.

تعتبر حرية التعبير جزءا أساسيا من الديمقراطية، وتتعاضد أيضا مع حرية الصحافة، والإعلام، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان المنصوص عليها في المادة التاسعة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإلى جانب ما يترتب عليها، ويتبعها من حريات مثل حرية الإعلام، وحرية الصحافة، فهي تعمل كعنصر تمكين، ودعم لجميع الحقوق الأخرى، ووفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته التاسع عشر يعرف الحق في التعبير على انه: ” لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”.

إن حرية الرأي هي قدرة الشخص على التعبير عن أفكاره وآرائه، وتختلف طرق التعبير، فقد تكون عن طريق الرسم أو الكتابة أوعمل فني، والأصل أن يكون ذلك دون وجود قيود رقابية أو حكومية عليه، بشرط ألا يتعدى هذا الشخص في مضمون أفكاره على أعراف وقوانين الدولة التي يعيش فيها، والتي أعطته حرية التعبير، وهناك العديد من أنواع حريات التعبير، مثل: الحرية في الصحافة، والحرية في تنظيم تظاهرات سلمية، بالإضافة إلى حرية العبادة. ومن شروط حرية التعبير نجد:

حرية الاختيار: وهي نوع من أنواع حرية التعبير، فمثلا: لكل فرد الحق في أن يختار العمل الذي يرغب به.
القناعة الذاتية: وتعني أن يكون الفرد مقتنعا تماما بالعمل الذي سيقوم به، دون التعرض لأي ضغوطات من أي أطراف أخرى.
احترام حقوق الآخرين وعدم التفريط فيها: وتعني أن كل فرد في المجتمع عليه أن يحترم حقوق الأفراد الآخرين، كما يحب أن تحترم حقوقه.
الأسلوب الصحيح: فلا يجوز التشهير بالآخرين، أو اتهامهم بأشياء غير صحيحة.
إن حرية التعبير والرأي ليست بالحرية المطلقة، بل هي بين الطلاقة والتقييد وتكون مقيدة فقط بعدم الإساءة والاعتداء وذلك حتى لا تتحول حرية التعبير إلى “حرية ” في التهديم والتدمير، وفي ما دون ذلك فإن حرية التعبير مطلوبة وضرورة للمجتمع.

حرية نشر الأخبار والأفكار والآراء.
أجاز دستور 2011، ممارسة حق التعبير والرأي والتفكير بدون قيد عادا ما ينص عليه القانون بصريح العبارة، وفق منطوق الفصل 28 حيث نص على أن: “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.
للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة”.
وبغرض النهوض بقطاع الصحافة على المستوى الوطني تم إحداث طرف ثالت زج به في معركة بين حرية الرأي والمسؤولية عنها، والتي طالما كانت بيد الحكومة، كورقة زجرية في ميدان الصحافة والنشر، والتي ترد بقيامها بواجبها ومهامها المتمثلة في حماية حق المواطنين من الممارسات اللاصحفية وحمايتهم من تجاوزات الصحفيين اللاأخلاقية، والتي تمس بالمهنة أولا ثم الغير، وكدا القيام بالأدوار المنوطة بها قصد الرقي بمستوى حرية الصحافة، ومن هذا الطرف أريد به، في أول تجربة أكثر من إمكاناته، لا من حيث التسيير الذاتي للقطاع، أو من حيث التأسيس لمجلس دو فعالية وحكامة ترقى بمستوى جسم الصحافة والنشر، رغم منحه الاستقلالية المالية قصد المساهمة في عدم التدخل في قراراته سواء التأديبية أو التحكمية أو الوسائطية، أو المهام التي أنيطت به بموجب نص القانون، المؤسس والمنظم، والذي استمر العمل على إعداده زهاء ثلاث سنوات ابتداء من سنة 2013 الى غاية 10 من مارس لسنة 2016 حيث تم إصداره بالجريدة الرسمية بتاريخ 07 من أبريل 2016، )النقطة الأولى( فيتم بعده، العمل على احداثه وانتخاب أعضائه ليباشر مهامه المسطرة بنص قانون رقم 90.13 والمتعلق بإحداث مجلس وطني للصحافة )النقطة الثانية(.

النقطة الأولى: اختلالات مسطرية ومخاظ عسير
فعلى مستوى الضمانات المؤسساتية، تم إخراج المجلس الوطني للصحافة كهيئة عهد إليها بصيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة والسهر على ضمان الحق لكل صحافي في الإعلام والنشر، فضلا عن العمل على الارتقاء بالقطاع، عبر إعداد تقرير سنوي حول مؤشرات حرية الممارسة الصحافية وعن أوضاع الصحافة والصحافيين، إضافة إلى تخويله صلاحية منح بطاقة الصحافة المهنية، وكذا النهوض بالقطاع بناء على تسيير ذاتي، ذو مجلس منتخب عن الصحافيين وكذا عن ناشري الصحف.
أولا: من مشروع فاقد لمبدأ التشاركية إلى نص متضارب في شأنه

انكبت وزارة الثقافة والشباب والتواصل في شخص لجنة التواصل، التي تختص بإعداد وتنفيذ سياسة الحكومة بمختلف ميادين قطاع الاتصال: من صحافة مكتوبة واتصال سمعي بصري وإشهار وسينما وحقوق المؤلفين والحقوق المجاورة، وتكوين الموارد البشرية للقطاع والإنتاج الوطني، والعمل على تأهيل وتطوير القطاع، كما تساهم في تطوير المجتمع الإعلامي في المغرب، والعمل على القيام بالدراسات القانونية وإعداد النصوص المتعلقة بتنظيم قطاع الاتصال، على إعداد نص مشروع قانون يعنى بإحداث مجلس وطني للصحافة، وفق آلية وصفت بالتشاركية من جهة اللجنة، وأحادية من منظور بعض الجهات المحسوبة عن قطاع الصحافة، وقد تمت برمجته بجدول اعمال المجلس الحكومي بتاريخ 29 يوليوز 2015 لتصادق الحكومة على المشروع الذي يقضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، وبعده في 28 أكتوبر 2015، تمت إحالته على أنظار مجلس النواب لاستكمال مسطرة التشريع المعمول بها، ويتم تدارسه داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال، بناء على إحالة رئيس المجلس بموجب الاختصاص الموضوعي، لتوافق اللجنة على المشروع كما عدلته بتاريخ 25 نونبر2015، فيتم بعد ذلك إحالته للجلسة العامة للمجلس قصد المصادقة عليه، كما عدلته اللجنة بتاريخ 23 دجنبر 2015، بأغلبية الأعضاء الحاضرين ب71 صوتا موافقا، و 18 صوتا ممتنع، وصفر اعتراض.

وفي احترام لمسطرة التشريع المنصوص عليها في الفصل 84 من الدستور، تمت إحالة المشروع المصادق عليه من طرف مكتب مجلس النواب إلى مكتب مجلس المستشارين بتاريخ 30 دجنبر 2015، وفيها تم تقديم المشروع على أعضاء لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بالمجلس، ليخضع بدوره إلى الدراسة مادة مادة وبابا بابا، تم المصادقة على النص بعد تضمينه تعديلات، إذا ما تراء للجنة تعديلا في أحد المواد، في 25 يناير 2016 بخمس أصوات موافقة وبدون اعتراض وامتناع واحد، وتمت المصادقة عليه في جلسة عامة لمجلس المستشارين بتاريخ 2 فبراير 2016. ليعاد على انظار الغرفة الأولى في إطار القراءة الثانية للمشروع والمصادقة بالإجماع على المشروع، داخل نفس اللجنة التي أحيل عليها في البداية في 3 فبراير 2016، وصادقت عليه في 9 فبراير 2016، وفي 10 مارس 2016 تمت المصادقة النهائية على مشروع قانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، ثم لقي سبيله للنشر بتاريخ 07 أبريل 2016، بالجريدة الرسمية تحت عدد 6454.

ليتم العمل بعد ذلك إلى مرحلة تنزيل مقتضيات القانون الجديد، والعمل على تأسيس لجنة يعهد لها تنظيم عملية انتخاب أعضاء ممثلي الصحفيين المهنيين وناشري الصحف.
ثانيا: انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة
لإحداث المجلس تم تشكيل لجنة عهد لها السهر على تنظيم العملية الانتخابية وفق المادة 54 من القانون رقم 90.13 حيث نصت على أنه: تشرف على عملية انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين وناشري الصحف لجنة تتولى الإعداد التقني واللوجستيكي لعمليات الانتخاب وحصر لوائح الهيئة الناخبة وتلقي الترشيحات وبصفة عامة الإشراف على سير وتنظيم جميع مراحل انتخاب أعضاء المجلس إلى غاية الإعلان النهائي عن النتائج.
تتألف هذه اللجنة من:

• قاض منتدب من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بصفته رئيسا؛
• ممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال؛
• ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
• ممثل عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب؛
• ممثل عن نقابة الصحافيين المهنيين الأكثر تمثيلية؛
• ممثل عن هيئة ناشري الصحف الأكثر تمثيلية؛
تتولى الإدارة مراسلة الهيآت المشار إليها أعلاه قصد تمثيل أعضائها في اللجنة.
وتساهم المنظمة النقابية المهنية الأكثر تمثيلية بالنسبة للصحافيين وبالنسبة لفئة الناشرين في تأطير الانتخابات الخاصة بكل فئة على حدة تحت إشراف اللجنة المذكورة.

تنتهي مهمة اللجنة عند تنصيب المجلس، وتسليم عندئذ إلى رئيس المجلس كل الوثائق التي كانت بحوزتها.
وقد أعلنة اللجنة المشرفة على تنظيم عملية انتخاب أعضاء ممثلي الصحافيين المهنيين وناشري الصحف يوم 22 يونيو 2018 موعدا لإجراء عملية الاقتراع، تنزيلا لمقتضيات القانون رقم 90.13. وطبقا للمادة الثامنة من قرار لجنة الإشراف على عملية انتخاب ممثلي الصحفيين المهنيين وناشري الصحف رقم 1.18 الصادر بتاريخ 2 أبريل 2018 بتحديد كيفيات سير وتنظيم مراحل انتخاب أعضاء المجلس الوطني للصحافة.
وقد تكونت اللجنة من السادة:

 حسن منصف، القاضي المنتدب من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بصفته رئيسا؛
 ومحمد غزلي، ممثلا عن السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال؛
 وأحمد التوفيق الزينبي، ممثلا عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
 وعبد الإلاه لعلو، ممثلا عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب؛
 ويونس مجاهد، ممثلا عن نقابة الصحافيين المهنيين الأكثر تمثيلية؛
 ونور الدين مفتاح، ممثلا عن هيئة ناشري الصحف الأكثر تمثيلية.

وقد اعتمدت اللجنة نظام الاقتراح باللائحة المغلقة بالنسبة لممثلي الصحفيين المهنيين، فالمنافسة في إطاره لا تتم بين الأشخاص، وإنما بين اللوائح والقوائم الانتخابية التي تضم عددا من المرشحين بعدد المقاعد المخصصة لدائرة انتخابية معينة. فالناخب لا يصوت على مرشح واحد، بل على لائحة تضم عدة مرشحين في إطار دائرة انتخابية واسعة.

وكذا نظام الاقتراع الفردي بالنسبة لممثلي ناشري الصحف، المعروف على انه، تتم المنافسة في إطاره بين أشخاص معروفين لدى الهيئة الناخبة، وفي إطار هذا النوع من الاقتراع غالبا ما يتم تقسيم ترتب الدولة (التقطيع الانتخابي) إلى دوائر انتخابية صغيرة، وغالبا ما تتحكم في عملية التصويت وفي عملية اختيار المنتخبين من حيث العلاقات الشخصية والعائلية.
وقد أسفر هذين النمطين من الانتخابات على انتخاب كل من: حميد ساعدني، وربيعة مالك، ومريم الودغيري، والمختار العماري، ويونس مجاهد، وعبد القادر الحجاجي، وعبد الله البقالي عن فئة الصحافيين المهنيين.
وأسفرت نتائج فئة ناشري الصحف، عن فوز كل من: فاطمة الورياغلي، ونور الدين مفتاح، ومحتات الرقاص، ومحمد الحجام، ومحمد سلهامي، ومحمد عبد المنعم دلمي، وعبد الحق بخات، من الفيدرالية المغربية لناشري الصحف.

ليتم عقب نتائج الاقتراع انتخاب رئيس المجلس الوطني للصحافة السيد يونس مجاهد عن فئة الصحفيين المهنيين، ونائبته، السيدة فاطمة الورياغلي عن فئة ناشري الصحف، بتاريخ 05 أكتوبر 2018 بمقر وزارة الثقافة والاتصال – قطاع الاتصال.
النقطة الثانية: مجلس بين اختصاصات تأسيسية ومهامية
يتألف القانون رقم 90.13 ست أبواب موزعة على 56، وتم التنصيص على مهام المجلس واختصاصاته بالباب الأول، والذي الزم أول مجلس باستكمال انتاج النصوص القانونية والتنظيمية المنظمة للقطاع، من قبل وضع نظامه الداخلي، تم وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها واخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها، وغيرها، هذه المهام في الأصل هي مهام مرتبطة فيما بينها، بحيث إصدار البطاقة المهنية مرتبط بالمصادقة أولا عن النظام الداخلي، وكذا النظر في النزاعات القائمة بين الصحفيين والمؤسسات على سبيل المثال وليس الحصر مرتبط بإخراج دليل الوساطة والتحكيم وكدا ميثاق اخلاقيات المهنة…، وبالتالي فالمجلس وجد نفسه مقيد بمهام تأسيسية من حيث انتاج قواعد العمل، تم الدفع بالمجلس للقيام بمهامه في القطاع عبر التنظيم الذاتي.

أولا: تجربة أريد بها فشلا
بعد إجراء عملية الانتخابات وإعلان الفائزين عنها، باثت الحكومة أمام محك التنصيب بدل التنصيص، وحيث تم تنصيب أعضاء المجلس الوطني للصحافة بتاريخ 05 أكتوبر 2018، والذي يتألف – المجلس الوطني للصحافة – من واحد و عشرين (21 ) عضوا وفق المادة الرابعة من قانون 90.13، وموزعين على النحو التالي :
• أ. سبعة (7 ) أعضاء ينتخبهم الصحفيون المهنيون من بينهم؛
• ب. سبعة (7 ) أعضاء ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم؛
• ج. سبعة (7 ) أعضاء من بينهم :
•ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛
•ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الانسان؛
•ممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية؛
•ممثل عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب؛
•ممثل عن اتحاد كتاب المغرب؛
•ناشر سابق تعينه هيأة الناشرين الأكثر تمثيلية؛
•صحفي شرفي تعينه نقابة الصحفيين الأكثر تمثيلية.
يراعى في تأليف المجلس السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة.
تعين الحكومة مندوبا لها لدى المجلس يعهد إليه بمهمة التنسيق بين المجلس والإدارة، ويحضر اجتماعات المجلس بصفة استشارية.
وحرصا من المشرع المغربي وبالأخص من الوزارة الوصية منح المجلس التوليفة المستقلة والمتنوعة والبعيدة عن التجاذبات النقابية والصراعات السياسية، حيث نصت في المادة الخامسة من القانون رقم 90.13 على إنتخاب أعضاء المجلس رئيسا للمجلس ونائبا للرئيس من بين ناشري الصحف والصحافيين المهنيين، على أن يراعي في المهمتين تمثيل كل من فئة الصحافيين المهنيين وفئة ناشري الصحف، وأن لا يكون الرئيس (ة) ونائبه (ة) من نفس الجنس وتخضع المهمتين للتناوب كل أربع سنوات بين ممثلي هاتين الفئتين.
بعد تنصيب المجلس الوطني للصحافة تمت مزاولة مهامه المنصوصة عليها في المادة الثانية القانون رقم 90.13 المحدث والمنظم له من قبيل:
1. التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر؛
2. وضع نظامه الداخلي الذي يصادق عليه بنص تنظيمي؛
3. وضع ميثاق أخلاقيات المهنة يدخل حيز التطبيق بعد مصادقة المجلس عليه ونشره بالجريدة الرسمية والسهر على تنفيذه؛
4. وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها؛
5. منح بطاقة الصحافة المهنية؛
6. ممارسة دور الوساطة في النزاعات القائمة بين المهنيين أو بين هؤلاء والأغيار؛
7. ممارسة دور التحكيم في النزاعات القائمة بين المهنيين؛
8. تتبع احترام حرية الصحافة؛
9. النظر في القضايا التأديبية التي تهم المؤسسات الصحفية والصحفيين المهنيين الذين أخلوا بواجباتهم المهنية وميثاق أخلاقيات المهنة والنظام الداخلي للمجلس والأنظمة الأخرى التي يضعها؛
10. إبداء الرأي في شأن مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالمهنة أو بممارستها، وكذا في جميع القضايا المعروضة عليه من لدن الإدارة؛
11. اقتراح الإجراءات التي من شأنها تطوير قطاع الصحافة والنشر وتأهيليه وتحديثه؛
12. إعداد الدراسات المرتبطة بقطاع الصحافة والنشر وبمخططات تأهيل القطاع؛
13. المساهمة في تنظيم التكوين المستمر لفائدة الصحفيين وغيرهم من المستخدمين العاملين في قطاع الصحافة والنشر؛
14. إقامة علاقات تعاون وشراكة مع الهيئات الوطنية أو الدولية التي لها نفس الأهداف قصد تبادل الخبرات والتجارب في ميدان الصحافة والنشر؛
15. المصادقة على التقارير المالية والأدبية للمجلس بما فيها التقارير الواردة في المادة 3 من القانون.
بناء عن هذه المهام، وخلال مدة 4 سنوات من انتداب المجلس الوطني للصحافة، تم إصدار جميع النصوص التنظيمية من قبيل النظام الداخلي للمجلس، والمرسوم رقم 2.19.121 ( 14 مارس 2019) بتحديد كيفيات منح بطاقة الصحافي المهني المعتمد وتجديدها. ثم إصدار ميثاق أخلاقيات المهنة، الذي تسعى اللجنة القائمة عليه إلى احترامه، وإلى تطبيق مقاصد قانون الصحافة والنشر رقم 88.13 وقانون الصحفيين المهنيين رقم 89.13، كما يستحضر عمل اللجنة الاهتداء بأدبيات وأخلاقيات الصحفيين المهنيين والمؤسسات الصحفية، والحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة.
وفي إطار المهام المنوطة بالمجلس في مجال الوساطة والتحكيم، أصدر المجلس دليل الوساطة والتحكيم، ويتعلق بنزاعات الشغل بين الصحافيين والمؤسسات الصحافية المنظمة بمقتضى القوانين والأنظمة والاتفاقيات الدولية. وكذا فض النزاعات المهنية القائمة بين الأشخاص الخاضعين لاختصاصات المجلس، سواء تعلق الأمر بالاختصاصات الواردة في قانون 90.13 أو في نصوص خاصة أخرى، ولا يجوز اللجوء إلى المجلس الوطني للصحافة قصد الاستفادة من الخدمات التي توفرها لجنة الوساطة والتحكيم في ظل القانون رقم 90.13، إلا إذا تعلق الأمر بالمسائل الأخرى التي لا علاقة لها أو غير ذات صلة بالشأن المهني.
كما أصدر المجلس تقررين سنويين لكل من 2019 ثم 2020، في حين تقريري 2021 و2022 لم يتم اصدارهما لحد الآن، وبخصوص سنة 2021 فقد أصدرت لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية ما مجموعه 47 قرارا في الشكايات الواردة عليها. وتتعلق هذه القرارات بالشكايات الواردة على المجلس خلال سنتي 2020 و2021. كما اتخذت لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية إلى حدود نهاية نوفمبر 2022 ما مجموعه 29 قرارا.
ثانيا: مراسيم أمام مواجهة الفراغ التشريعي
أن هذه التجربة هي مرحلة تأسيسية محضة، ففي حقيقة الأمر، أن المجلس الوطني لم يزاول مهامه كمجلس لمدة أربع سنوات بل فقط سنتين ابتداء من تاريخ بداية العمل بالنظام الداخلي للمجلس بحكم أن كل مهام المجلس تجد سندها من خلاله )النظام الداخلي( سواء في تحديد كيفية عقد جلساته أو من خلال تحديد مساطر منح بطاقة المهنية وما إلى غير ذلك، وقد صدر النظام الداخلي بالجريدة الرسمية بتاريخ 25 ماي 2020 تحت عدد 6885.
أما المراسيم التطبيقية فقد صدرت في 14 مارس لسنة 2019. ومنه فالمجلس كان مقيدا بموجب النصوص التنظيمية غير الموجودة وكان في حالة انتظار دائم في شئن القضايا المعروضة عليه للحسم فيها، وبالتالي فحصيلة المجلس في فترته الانتدابية الأولى اكثر ما يمكن القول عنها أنها حصيلة تأسيسية بامتياز، وليست حصيلة مهامية للمجلس.
لقد انتهت الفترة المحددة لأعضاء المجلس الأول في 04 أكتوبر 2022 أي أربع سنوات، لتصبح جميع قراراته فاقدة للأهلية القانونية، وفي غياب تام لتنظيم انتخابات قصد تجديد هياكل المجلس الوطني، مما تجد معه الحكومة نفسها مضطرة الى تدارك مأزق التراجع عن المكتسبات الحقوقية الدولية في هذا المجال، فكان سيناريو تمديد مهام المجلس لمدة ستة أشهر هو السيناريو الاوفر حضا للتطبيق، وإجراء العملية الانتخابية في ما بعد، وذلك وفق المرسوم بقانون رقم 2.22.770 الصادر في 9 ربيع الأول 1444 (6 أكتوبر 2022) بسن أحكام خاصة بالمجلس الوطني للصحافة.
هذه الفترة لم تأتي بأي جديد، مما اضطرت الحكومة أن تصادق في مجلس حكومي ليومه 13 أبريل 2023 على احداث لجنة يعهد إليها تسير شؤون الصحافة والنشر، بناء على مشروع القانون رقم 53.22 الذي يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.22.770 الصادر في 9 ربيع الأول 1444 (6 أكتوبر 2022) بسن أحكام خاصة بالمجلس الوطني للصحافة. والذي قال عنه الوزير المكلف بقطاع الاتصال أنه “يبقى حلا استثنائيا ومؤقتا فرضته الضرورة، وبالمقابل يتعين، في إطار مقاربة تشاركية ومؤسساتية ومهنية، العمل على تطوير النظام القانوني الحالي لتلافي حدوث مثل هذه الوضعية الاستثنائية”، وأن هذه اللجنة معنية بتدارك العراقيل الحالية وتجاوزها قصد النهوض بمهام المجلس، وقد منحه أجل سنتين ما لم يتم انتخاب أعضاء المجلس داخلها.
خلاصة:
إن هذه التجربة المغربية الفريدة من نوعها، من حيث تفردها في إخراج قانون يقضي بإحداث مجلس وطني للصحافة لأول مرة، وكذا تفردها في تنصيبه وتمديده، لما لا؟، وقد شهد انتقادات واسعة من أول مسودة مشروع له، إلى يوم تعين لجنة مهام.
ولإن كان من المفترض أن تلقى هذه التجربة انخراط لا مشروط من قبل الحكومة وكذا هيئات الجسم الصحفي والناشرين، فإن واقع مسلسل هذه التجربة أبان عن انتقادات ومقاطعات، انطلاقا من مجموعة من الاعتبارات، من بينها:
1. المقاربة التي اعتمدت من قبل لجنة صياغة مسودة مشروع القانون.
2. حالة التعتيم التي صاحبت هذا المشروع طيلة فترات التنصيص وإلى غاية التنصيب.
3. لم يتم الأخذ بآراء ومقترحات الهيئات المدنية والحقوقية والمهنية بهذا الخصوص من طرف هذه اللجنة.
4. تغيب المقاربة التشاركية في النقاشات حول مساطر وشكليات الانتخابات.
5. اعتماد اللجنة التي أوكل لها تنظيم العملية الانتخابية على لوائح لم تحين، وبالتالي اعتمدت على معطيات مغلوطة ومتقادمة، وضمت بعض أسماء الصحفيين المتقاعدين ومنهم من توفى.
6. اعتماد اللجنة على نمطين مختلفين من الانتخابات لكل من الصحفيين المهنيين ولناشري الصحف، غير متفق عليهم ولم تعلل اللجنة سبب اعتمادهم.
7. وكدا اعتماد الحكومة على تمديد مهام المجلس المنتهية ولايته، هي محاولة سطو على المكتسبات، بالمقابل كان عليها إما الإعلان عن تاريخ اجراء انتخاب مجلس جديد، أو تشكيل لجنة وفق المادة 54، بناء على مقتضيات المادة التاسعة من القانون 90.13.
وبخصوص التمديد بررت الحكومة قرارها بالتمديد لستة أشهر بالحرص على عدم بقاء المجلس في وضعية فراغ قانوني، إلا أن هذه الخطوة كشفت عن عدم تنصيص القانون المحدث للمجلس على مقتضيات احترازية، تفعل في حال عدم إجراء انتخاب أعضائه في أوانه، مما نكون امام حالة فراغ تشرعي، كما ان المنادين بتفعيل المادة التاسعة من القانون، فهو مردود عليهم بمنطوقها الذي ينص على أنه ” إذا تعذر على المجلس القيام بمهامه بسبب امتناع أغلبية أعضائه المنتخبين عن حضور اجتماعاته، يخبر رئيس المجلس بذلك الإدارة قصد معاينة هذه الحالة بمقرر إداري معلل ينشر في الجريدة الرسمية.
وفور نشر المقرر السالف الذكر في الجريدة الرسمية، تشرف اللجنة المشار إليه في المادة 54 من هذا القانون على إحداث لجنة مؤقتة يعهد إليها بالقيام بمهام المجلس إلى حين تنصيب المجلس الجديد، ويتم تعيين أعضاء اللجنة المنصوص عليها بالمادة 54 المذكورة للإشراف على تنصيب المجلس في أجل أقصاه ستة (6) أشهر ابتداء من تاريخ تعيين أعضائهما”، أن المجلس الوطني حاليا ليس في حالة امتناع أعضائه، بل في حالة غير قانونية أصلا.
إن حالة الانتقادات التي تعرضت لها هذه التجربة، هي بالأمر الطبيعي لما للهيئات من غيرة واندفاع وانكباب وطموح للحصول على مجلس وطني مستقل في قراراته وبعيد عن التجاذبات السياسوية والنقابية…، وربط مسؤولية اعضائه بالمحاسبة، وبالتالي فكل السناريوهات التي كانت ستتبع في اخراج هذا المجلس للوجود، ستلقى نصيبها من الانتقادات من جهة أو أخرى، وهذا ما سيتضح في المراجعة الحالية للقانون 90.13.

كتب : حسن قوبع
باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري. استاذ زائر بمسلك علوم الاعلام والتواصل الاستراتيجي . وماستر الصحافة والاعلام الرقمي. بجامعة محمد الاول وجدة

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد