“الكوتش” نعمية الشراقي توظف “السيكودراما” في انتشال الشباب من براثن الضياع والانحراف

ابتدعت لنفسها تقنية مستحدثة تحت اسم “السيكودراما” لتجعل منها أداة لإنقاذ الشباب والمراهقين على الخصوص من مختلف مظاهر الانحراف والضياع.

تولدت لديها الفكرة من خلال عملها اللصيق بهذه الفئة العمرية التي تشكل كومة من الشحنات والطاقات الفياضة والتي قد تجد نفسها عرضة للارتماء في حافة الضلال والغواية والانحلال الخلقي خاصة عند اصطدامها بواقع لا يسمح لها بالبحث عن مجال إبداعي لتفجيرها.

إنها نعيمة الشراقي، الفاعلة الجمعوية والمربية التي صرحت للقناة الإخبارية M24 التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء أنها اختارت هذا المنحى رغبة منها في المساعدة على بناء الفرد وتقوية قدراته ومؤهلاته الشخصية بشكل يمكنه من الخروج من عالم التقوقع والانطواء إلى فضاء أرحب.

وترى الشراقي، وهي أيضا أستاذة المسرح، أنها نجحت في مهمتها، وأن ذلك يتضح جليا من خلال فئة الأطفال واليافعين والشباب الذين تشرف على تأطيرهم ب”المركز الاجتماعي لاستقبال وتوجيه الأشخاص في وضعية صعبة” بحي مولاي عبد الله بالدار البيضاء حيث أسفرت النتائج عن استردادهم لحيويتهم وراحتهم النفسية متسلحين بمزيد من الثقة في النفس.

وأكدت في تصريحها أن من هؤلاء الفتية والشباب من مر بمرحلة جد عصيبة بلغت به حد الانهيار وفقدان الثقة في النفس، ومع ذلك تجاوبوا مع محتويات برامج الحصص “السيكودراما” المهيأة لمعالجة كل حالة على حدة، والتي تختزل في ثناياها الجمع بين الدراما كفن من فنون المسرح وعلم النفس، بعيدا عن النهج السلوكي السائد بالولايات المتحدة الأمريكية مهد “السيكودراما”، الذي بدأ يجد طريقه تدريجيا إلى العديد من الدول بما فيها العربية.

وفي هذا الباب، أشارت إلى أن الحصص التي تقترحها تستهدف مختلف الأشخاص في وضعية صعبة، وفي مقدمتهم من تعرضوا في فترة من حياتهم (الطفولة أو المراهقة) لصدمات عاطفية قوية أربكت مسار حياتهم اليومية سواء على المستوى الدراسي أو في ظل محيطهم الأسري والعائلي أو المهني أو في تواصلهم مع مختلف مكونات العالم الخارجي.

وأفادت السيد الشراقي أن جلسات الدعم النفسي في هذه الحصص تختلف من جلسة لأخرى مراعاة في ذلك الفئات العمرية ووضعها النفسي، إذ تبتدئ عموما بباقة من التمارين الأولية في فن المسرح تتلخص أساسا في التعبير بالحركات وملامح الوجه عن مختلف الأشكال التي تصادف الإنسان في حياته من غضب و فرح وبكاء وضحك وغيرها من التصرفات والأحاسيس، تليها مرحلة للاسترخاء على إيقاع الموسيقى الصاخبة أولا ثم الهادئة لتختتم بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم.

وتتوج هذه الجلسات، التي تتخللها طقوس معينة، بحلقة للنقاش بين أعضاء المجموعة المستفيدة من هذه التمارين في محاولة منهم وبتأطير ومواكبة من ” الكوتش نعيمة” لتغليب الطاقات الإيجابية ولبناء الشخصية ولتقوية القدرات والتفاعل مع المجتمع بكل فعالية.

وجاء في شهادات حية لعدد من المستفيدين أن تقنية “السيكودراما” منحتهم العزيمة على التخلص من الضغوط النفسية وأعانتهم على التعبير بسلاسة عن انفعالاتهم و تجاوبهم مع مختلف التجارب التي يمكن أن يمر بها الإنسان في حياته اليومية وفي مختلف المراحل العمرية من الطفولة والمراهقة والشباب…

وفي هذا السياق، قالت السيدة الشراقي: “توصلنا في ظرف وجير إلى تحقيق نتائج مهمة، فبعدما كان البعض منهم ينتابه الخوف والهلع والانطواء والإحساس بالقمع والتنمر والتعثر الدراسي والإدمان على المخدرات الرقمية، ف سح المجال أمامهم لوضع أجندة لتنظيم الوقت عبر الفصل بين الدارسة ووقت الفراغ والأسرة.

واعتبرت الكوتش نعيمة الأجندة بمثابة أول اختراع وأنجحه في حسن تدبير الحياة، حيث بفضلها أضحى بإمكان المستفيدين الحصول على نقط مشرفة في دراستهم مع إحداث تغيير إيجابي في شخصياتهم وفي التعامل مع باقي مكونات المجتمع، وأصبحوا بذلك اجتماعيين بعد تخطي عقبة الخوف وامتلاك المزيد من الجرأة وطلاقة اللسان مع ميزة الشجاعة.

وكانت السيد الشراقي قد حصلت من المعهد الموسيقي للدار البيضاء على الوسام الأول في السنة الخامسة (مادة المسرح وفنون الدراما)، وعلى ميزة المشارفة الأولى في السنة السادسة وعلى الجائزة الأولى في السنة السابعة. وهي تعمل حاليا في المجال التربوي التنشيطي ومديرة للمخيمات الصيفية وكإطار وطني مع الشباب والثقافة، إذ تسهر على تدريب المكونين وأطر المخيمات الصيفية.

وبالرغم من كون الظروف لم تسعفها في تحقيق حلمها في المجال الدراسي الجامعي، فإن الكوتش نعيمة ناضلت على كافة الجبهات حتى أضحت تتمتع بمواهب جمة من خلال تشبعها بتنوع الإيقاعات الموسيقية وأداء الموشحات وإنجاز المعامل التربوية، فضلا عن اقتحامها فنون تعبيرية أخرى من قبيل الشعر الإسباني والإلمام بأدوات السرد والحكي التي لا تقل أهميتها ضمن الآليات المسخرة في استكشاف أسرار السعادة والطمأنينة والارتياح لدى من تعرضوا لصدمات نفسية.

المصدر ميديا : و م ع

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد