على خشبة مسرح سالين بالعاصمة جيبوتي اختتمت فعاليات الدورة التدريبية المخصصة لتأهيل فريقين مسرحيين من الصومال وجيبوتي، وذلك برعاية وزيرة الشباب والثقافة الجيبوتية الدكتورة هبة مؤمن ،وحضور جماهيري غير مسبوق يعكس الرغبة الأكيدة والجامحة في معاودة معانقة خشبة ابي الفنون في هذه المنطقة الجغرافية من القارة السمراء، بعد غياب قارب الثلاثة عقود من الزمن المسرحي. وهي الدورة التي تقف خلفها الهيئة العربية للمسرح ،بتعاون مع الوكالة الوطنية للنهوض بالثقافة في جمهورية جيبوتي، والمسرح الوطني الصومالي بمقدشيو والتي امتدت فعالياتها من 1 الى 14 غشت/ أغسطس الجاري 2023.
حيث قامت الهيئة العربية للمسرح بتكليف المؤطربن المغربيين السينوغرافي دكتور طارق الربح ،والفنان أمين ناسور للقيام بمهمة تدريب 22 متدربا ومتدربة في مجال المسرح منهم عشرة متدربين من الصومال. وبرأي المهتمين فقد لقيت مبادرة الهيئة العربية للمسرح هاته، نجاحا غير معهود وهي تعيد الحياة من جديد لخشبة المسرح في هذين القطرين العربيين عبر الدورة التدريبية ذات الصلة بتأهيل فرق مسرحية بعينها في كل من الصومال وجيبوتي. وعليه لم يكن اختيار معالي وزيرة الثقافة الجيبوتية هبة مؤمن لمسرح سالين لاحتضان حفل فعاليات اختتام هذه الدورة من باب الصدفة، بل الإختيار ينطوي على بعث رسائل قوية باتجاه إعطاء هذا الحدث الفني بعده الجماهيري والثقافي والفني، والإعلان بالمقابل عن الإنطلاقة الحقيقية للمسرح والمسرحيين للقيام بأدوارهم الفنية والأدبية والفكرية والثقافية والإنسانية والترفيهية والتحسيسية، ومن خلالها التقعيد لأصول الرسالة النبيلة لأبي الفنون في إشاعة قيم الحياة بمقوماتها الكونية، ومد جسور التواصل والتلاقي والتلاقح ومخاطبة الآخرين بلغة موحدة إسمها ” المسرح “، باعتبارها لغة خارقة لكافة الحدود الجغرافية ،ومنشدة لصوت الحياة بمعناها البسيط، ونأشرة لقيم المحبة والإخاء والسلام، واستشراف المستقبل بكل تحدياته. وكذا محاولة إعادة تشكيل الوعي الفني والمسرحي بكل أبعاده الشمولية ورسائله الوظيفية بهذه المناطق العربية بشكل عام.وهي أقوى رسائل الهيئة العربية للمسرح التي تسعى إلى توسيع أهدافها وترسيخ قواعدها في قطر من أقطار الأمة العربية. وبالتالي الدورة التدريبية المتحدث عنها تأتي في هذا السياق للدفع بالمشهد المسرحي العربي الى تحقيق المبتغى الأسمى في رفع مكانة وصورة المسرح والمسرحين العرب على اختلاف توجهاتهم الفكرية والأدبية والثقافية وغيرها. الى ذلك وفي سياق متصل عرف حفل اختتام هذه الدورة ، عرضا فنيا أظهر من خلاله المتدربون عن المهارات الإبداعية والفنية التي تم اكتسابها في هذه الدورة.مع الإرتكاز على استغلال طاقاتهم ومواهبهم والعمل على صقلها بشكل مهني واحترافي متميز وفق منهجية المدربان المغربيان، والإصرار على توظيف الموروث الشعبي المتنوع والغني والمتواتر في كل من الهوية الصومالية والجيبوتية ، الامر الذي أطر بشكل لافت روح ومضمون هذا العرض الفني المسرحي المتميز. وفي المنحى ذاته قامت الهيئة العربية للمسرح بالمناسبة عينها ، بتوزيع شهادات المشاركة على المتدربين ، بالإضافة الى توزيع شهادات شكر وتقدير للشركاء والأشخاص الذين ساهموا في إنجاح هذه الدورة ، منهم محمد حسين دوعالة مدير الوكالة الوطنية، والسيد إدريس طاهر حسين منسق عام الورشة، وكذلك السيد عثمان عبد الله غوري مدير المسرح الوطني الصومالي ، والسيد عبد الرحمن محمد محمود مدير العلاقات الدولية بالمسرح. وارتباطا بالموضوع نفسه قال مدير الوكالة الوطنية السيد دوعالة أن هذه المبادرة تظهر إلتزام الهيئة العربية للمسرح العميق بالترويج والتطوير الثقافي والمسرحي، ويسعدنا ويشرفنا أن نتعاون مع هذه المؤسسة العريقة.وأعرب عن شكري وتقديري للأمين العام للهيئة وفريقه على رؤيتهم الجريئة وتفانيهم في هذه القضية النبيلة. في حين أكد أمين عام الهيئة ذاتها د.إسماعيل عبد الله على أن هذه الأخيرة هي بيت لكل المسرحيين العرب، وهي الآن تسعد بإلتحاق المسرحيين من جيبوتي والصومال الى جانب إخوتهم المسرحيين العرب في بيتهم هذا. وأضاف قائلا إن الهيئة تضع بالفعل نصب عينيها تطويرا حقيقيا وفاعلا للمسرح في كل من جيبوتي والصومال وفي كل بقعة عربية.