الدلالة الثقافية وسيميائية النسق المضمر للدكتور حسين القاصد

الكاتب – محمد الهادي الجزيري

كتب الشاعر الدكتور حسين القاصد في ظهر غلاف كتابه ” الدلالة الثقافية ـ وسيميائية النسق المضمر ” ما يشعر به في خاتمة هذا المتن السرديّ العلمي :
” وأنا أهمُ بتوديع هذا الكتاب ، هناك شعوران يتصارعان في داخلي ، الأوّل: هو الحزن الشديد بعد هذه الرفقة اللذيذة الشاقة، لذيذة لأنها رحلة وللرحلة اكتشافاتها وجماليات ما تراه فيها ، لذلك فالحزن هنا يكون لا إراديا ويشبه قول الطيب :
( خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصبا ــ لفارقت شيبي موجعَ القلب باكيا )
أمّا الشعور الثاني فهو الفرح بهذا ” الطفل ” الجديد الذي ليس له أن يترعرع ويكبر من دون قراءتكم ومتابعتكم له ..”
ولذا رأينا أن نحتفي به ونخصص له وقتا للقراءة والتمحيص ، خاصة وأنّ الدكتور حسين صديق عزيز وسندا لكلّ زائر للعراق العظيم ..، ويستحقّ كلّ تبجيل وتكريم لما قدّمه في مسيرته العلمية والشعرية الرائعة ..
اجترح الناقد الدكتور حسين القاصد مصطلح الدلالة الثقافية لتكون مكملة للدلالة اللغوية مستعينا بالعلامات السيميائية، وذلك بسبب التحول الدلالي اللغوي واغتصاب اللغة ، وقد تناول أكثر من نص إبداعي ليثبت ما ذهب اليه، مثل رواية فرانكشتاين لأحمد سعداوي وقصيدة سفر أيوب للسياب وقصيدة ( شعر البنات) لعارف الساعدي..، فشعر البنات لا يدلّ في القصيدة على شعر النساء بل على نوع من الحلوى يحمل هذا الاسم ، وشاع اسم هذه الحلوى في العراق، وهو فَقَد دلالته اللغوية على شعر النساء ، وتمّ التواضع عليه سيميائيا في المجتمع العراقي ؛ لذلك صارت دلالته ثقافية اجتماعية وليست لغوية ؛ وجاء الكتاب بمفاهيم وأنساق ثقافية جديدة منها نسق الاتكاء ونسق التعويض ونسق الاستدعاء، معتمدا على معطيات العلامة السيميائية، وسؤال النقد الثقافي عن النسق المضمر
وقد قال د. القاصد في الغلاف الأخير للكتاب الصادر عن مؤسسة دار الصادق الثقافية في بابل.. 2023:
” ليس لهذا الكتاب أن ينتهي ، ربما قدر الله له أن يبدأ لكن ليس له أن ينتهي ، فقد يغري الباحثين ليقولوا معه أو ضده
لكني قلتُ، وسألوذ بقول أبي الطيب :
وهبني قلتُ هذا الصبحُ ليلٌ
أيعمى العالَمون عن الضياءِ؟
لنأخذ على سبيل المثال..، في بغداد يوجد شارع فلسطين وساحة بيروت وساحة الأندلس وعندكم القيروان..، ودلالتها اللغوية تحيلك إلى الأصل ، لكن بعد اغتصاب اللغة وشيوع التدجين الثقافي.. والثقافة من الأعلى.. صرنا نسمع هذه الأسماء في كل مكان.. فلو قلت لك انا في بيروت كيف ستميز انا في ساحة بيروت في العراق أو في لبنان..؟
ونختم بكلام الدكتور حسين القاصد حول محتوى كتابه ، إذ يقول :
” الدلالة ابنة محيطها وليست ابنة المعاجم ، لذلك استعنت بالعلامة السيميائية للتمكن من توضيحها ثمّ ترسيخها ، وها أنا حاولت وأبواب البحث العلمي مفتوحة قبل نوافذه “

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد