ارتفاع تكاليف السكن مشكل يؤرق البرتغاليين

يمر سوق العقارات في البرتغال بوضعية أزمة، فارتفاع التضخم الناتج عن الأزمة الطاقية التي تسببت فيها الحرب الروسية-الأوكرانية، وارتفاع نسبة الفائدة بين الأبناك الم طبقة في السوق الأوروبية، أحدثت وضعا إشكاليا مع قروض بأسعار فائدة متغيرة.

وأسهمت الطفرة في أسعار العقارات في توسيع الفجوة بين من يملكون السكن وبين الباحثين عنه، وأدت إلي تغذية الغضب حيال عدم المساواة في الإسكان. وبات العثور على سكن بأسعار معقولة في البرتغال أمرا يكاد يكون متعذرا، ما أدى إلى تصاعد الإحباط والاستياء لدى البرتغاليين، ودفعهم إلى النزول للشارع قصد المطالبة بالسيطرة على ارتفاع الإيجارات وإصلاح أزمة السكن في البلاد.

وتشير بيانات رسمية للمعهد الوطني للإحصاء، إلى أن تكلفة الإيجار في العاصمة لشبونة ارتفعت بنسبة 65 في المائة منذ سنة 2015، حيث أضحت تكلفة شقة بغرفة نوم واحدة تصل إلى حوالي 1350 يورو. كما ارتفعت أسعار المساكن بنسبة 137 بالمائة.

وخلال الأسبوع الماضي، اكتظت شوارع العاصمة لشبونة ومدن أخرى في البرتغال بالمحتجين الذين تظاهروا احتجاجا على ارتفاع أسعار المساكن والإيجارات في جميع أنحاء البلاد.

وشارك الآلاف من البرتغاليين في هذا الاحتجاج، الذي طالب من خلاله المتظاهرون بالحصول على سكن عادل وبأسعار معقولة، والذين يكافح العديد منهم من أجل تغطية تكاليفهم. كما دعوا إلى وضع حد للمضاربات العقارية.

ووفقا لوسائل إعلام محلية، فإن البرتغال تعيش اليوم ما وصفته “بحالة طوارئ اجتماعية” فعلية، أضحت مواجهتها تبدو أمرا صعبا للغاية على الأقل في الأمد المنظور.

ولم تعد هذه الوضعية تقتصر على الأشخاص النشيطين غير القادرين على إيجاد عمل في البرتغال، بل إنها أضحت تشمل أيضا من يتوفرون على عمل، حيث لم يعودوا هم أيضا قادرين على تحمل تكاليف السكن، بسبب التفاوت بين الأجور وأسعار العقارات. بل إن هذه الوضعية لم تعد تنطبق على ذوي الرواتب الدنيا فحسب، بل تطال أيضا من يحصلون على رواتب أعلى من المتوسط.

وتقول ماريا، (41 سنة)، الموظفة بأحد الوكالات البنكية، والمقيمة في لشبونة منذ حوالي 14 سنة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “أقطن في شقة مستأجرة منذ 10 سنوات وقد باتت متهالكة، ومع ذلك أبلغني صاحب المنزل بضرورة رفع سعر الإيجار إلى حد كبير”.

نفس الرأي يتقاسمه مواطنها، بيدرو، وهو محامي مقيم بضواحي العاصمة البرتغالية، في تصريح مماثل، والذي يقول “بالرغم من عملي، لا أستطيع شراء شقة بسبب الارتفاع الحاد وغير المقبول لأسعار العقارات، الأمر لا يقتصر على لشبونة فقط، بل يشمل بعض المدن المجاورة لها التي كانت فيها المساكن حتى وقت قريب في متناول الطبقة المتوسطة، وذات الدخل المحدود”.

وشددت عدد من الجمعيات المدافعة عن الحق في السكن على أن البرتغاليين يطالبون بـ “الحق في السكن للجميع، وهو حق كرسه الدستور”، فيما تعاني العائلات من ارتفاع الأسعار.

ولمواجهة أزمة العقارات، وافقت الحكومة على خطة تهدف إلى زيادة المساكن المتاحة في بلد يضم نحو 730 ألف مسكن شاغر أو متهالك.

ويتعلق أحد إجراءاتها الرئيسية بوقف التأشيرات الذهبية وتصاريح الإقامة الممنوحة لمستثمرين أجانب أثرياء، للحد من المضاربات في سوق العقارات، وتعليق منح تراخيص جديدة لتحويل منازل إلى أماكن إقامة مع السكان المحليين (Airbnb)، والمساكن القصيرة المعدة للسكان العابرين، فضلا عن دعم المواد الغذائية.

وأكد مكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات” أن أسعار شراء المساكن في البرتغال ارتفعت أكثر من 75 بالمائة بين عامي 2010 و2022، بينما ارتفعت أسعار الإيجارات بنحو 25 في المائة.

وتوفر خطة الإسكان أيضا مزايا ضريبية للمالكين الذين يعرضون إيجارات موسمية في السوق السكنية، ويطرحون في السوق شققا ظلت شاغرة لأكثر من عامين في المدن الكبرى.

إلى جانب الإجراءات، التي كلفت حوالي 900 مليون يورو، تخطط الحكومة البرتغالية لتنظيم زيادة أثمنة الإيجار، وتقديم حوافز ضريبية لأصحاب العقارات الذين يحولون العقارات السياحية إلى مساكن للإيجار للسكان المحليين.

إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لمعاجلة هذه المشكلة الكبيرة التي يعاني منها البرتغاليون في الوقت الراهن. ولم تبعث بالتالي على الاطمئنان لدى فئات واسعة من السكان الذين لم يعد لهم من سلاح آخر غير اختيار الشارع من أجل الاحتجاج.

المصدر ميديا : و م ع

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد