أريدها عفيفة …

حديث الأحد ...

وأنا احتسي قهوة الصباح، صباح يوم الأحد، يعرض التلفاز برنامج حول معايير الشباب في اختيار شريكة وشريك الحياة وكم تبدو الأمور ملتبسة ومعقدة أحيانا عندما يتعلق الأمر بتلك المعايير، فتذكرت قصة أحد الشباب والتي تستحق أن تروى لما فيها من عبرة في هذا الموضوع بالضبط …

الشاب اسمه “أحمد” جميل المحيا، أنيق الملبس، ينتمي لأسرة ميسورة، مدلل بشكل غير طبيعي، منذ صغره لم يسمع كلمة لا، ولم يرفض له طلب …
كبر “أحمد” وكبرت معه طلباته ورغباته … وانصاع أهله دائما لها.
“أحمد” كان مهووس بالعلاقات مع الجنس الآخر، ويعتبر كل فتاة يصادفها تحدي، وعليه اجتيازه والظفر بالمكافأة، والتي هي علاقة عابرة معها …

لم تسلك من شباكه لا جارة ولا تلميذة ولا طالبة ممن درسن معه، ولما اشتغل في وظيفة محترمة ودخلها كبير (بمساعدة والديه مع أنه لم يكن يستحقها) توجه صوب زميلاته في العمل يسقط من استطاع منهن في شباكه …

“أحمد” عنده “كاتالوغ جاهز للغواية” ، فيدرس جيدا ضحيته، ويكتشف نقط ضعفها، وما يناسب شخصيتها من ماسك (قناع)، فيضع القناع المناسب بحسب الفتاة الضحية التي بين يديه …

التي منهن تهتم أكثر بالمال يقنعها بأنه أغنى من طلعت عليه الشمس، والتي تفضل الرومانسية يصور لها نفسه كمجنون ليلى أو نزار قباني، والتي تبحث عن الحماية والعناية يبرز لها من شخصيته المزايا الأبوية، ويمنحها ما ينقصها في ذلك الجانب، ومن تعاني من عقد نفسية ولا تجد قبول عند معظم الرجال يقنعها بأنها تنافس القمر حسنا وجمالا … وهكذا حتى يتمكن من السيطرة عليها ويقضي شهوته وبعد حين ينتقل للضحية الموالية …

وبالنسبة لمن يرفضن الدخول معه في علاقات خارج الزواج، يلجأ معهن للخطة البديلة، فيقصد بيت الأسرة مباشرة ويطرق بابهم رسميا، فخطب عشرات المرات وجاء بالورد والحلوى، بل وحتى كان يستأجر أشخاص غرباء، يدفع لهم المال ويقدمهم لأسرة الفتاة على أساس أنهم أقرباءه، كل هذا ليتمكن من كسب ثقة الفتاة ويصل لمبتغاه وبعدها يتبخر ويتركها فريسة للانهيار …

والأدهى من كل هذا أنه حتى الفتيات اللواتي لم يتمكن من الظفر بهن، لا يتوانى عن تلويث سمعتهن عند أصحابه، فيدعي أنه ارتبط بهن، ويحكي الروايات والقصص الوهمية عن الذي عاشه بين أحضانهن …

ذات يوم استيقظ “أحمد” من النوم وكما هي عادته ذهب للعمل، وفي الطريق تعرض لحادثة سير، غيرت حياته جذريا، توفي ضحية للحادث شيخ طاعن في السن، ألقي القبض على “أحمد” وحكم عليه بتهمة التسبب في قتل المسكين …

خرج من السجن وقرر بداية حياة جديدة، فطلب من أمه أن تخطب له فتاة للزواج، وكان شرطه أن تبحث له عن فتاة لم يسبقه لها أحد، فهو لم يعد يثق في النساء ويقول كلهن متشابهات، وهذا بطبيعة الحال نتيجة لتجربته السابقة، والعشرات بل المئات من العلاقات التي مر منها في المرحلة السابقة من حياته … !

طلب من أمه أن تبحث له بعيدا، وأن تتجنب الجوار فهو لم يعد يثق كثيرا في الإناث … !

عثرت له والدته على الفتاة المنشودة، من منطقة نائية، من أسرة محافظة، بسيطة، وعليها كل علامات العفاف والصلاح …

تم عقد القران والحفل مر في جو بهيج في فندق مصنف، رحل “أحمد” وزوجته لقضاء شهر العسل في مدينة ساحلية جميلة، وصلا للفندق، دخلا غرفتهما ومن شدة تعب الطريق سيخلد “أحمد” للنوم، وتأخذ عروسه هاتفها النقال لتطلع على آخر الأخبار وتقرأ رسائل التبريكات القادمة من الأصدقاء والأحباب … ستفتح أحد المواقع الإلكترونية، وتصادف الخبر التالي :
وقعت للتو حادثة سير، وراح ضحيتها أحد الأشخاص وهو يحاول الفرار بسيارته من قبضة الشرطة، والهالك متهم بتزعم شبكة دعارة والاتجار بالبشر …
ستدقق العروس في صورة الضحية المتهم وهي في قمة الدهشة والصدمة … !
لا تكاد تصدق ما ترى …!
أهذا “كمال” الذي كان ينظم السهرات الخاصة إياها … ؟!
أهذا “كمال” الذي كان يناديني ب “دميتي المفضلة” ويقول أن زبنائه لا يحلو لهم السهر إلا بحضوري … ؟!
ستضع العروس هاتفها وهي ترتجف !
ستتنهد تنهيدة عميقة، وتقول في نفسها … الحمد لله مات أخر من كان يعلم حقيقتي .. !

وإلى الاسبوع المقبل.

المصدر ميديا : الدكتور سعد ماء العينين

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد