وزارة بنعتيق تنظم ندوة علمية تسلط الضوء على قانون المقارن و الاتفاقيات الدولية بمراكش

مراكش : سعيد اوتنومر

انطلقت بمدينة مراكش، اليوم الجمعة 08 فبراير، ندوة حول مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقات الدولية، وذلك في إطار أشغال المنتدى الثالث للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج.

الندوة هاته والتي تنظمها الوزارة المتندبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة بشراكة مع وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، تأتي في إطار تنزيل الإستراتيجية الرامية إلى حماية حقوق ومصالح مغاربة العالم داخل وخارج أرض الوطن، وتعبئة كفاءاتها بالخارج وإشراكهم في الدينامية التي يشهدها بلدهم الأصل.

وعرفت هاته الندوة، مشاركة عدد من المختصين والباحثين، إذ علاوة على مشاركة المحامين المزاولين بالمغرب ونظرائهم بالخارج، يشارك فيها قضاة عن رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثلين عن وزارة العدل وباقي القطاعات الوزارية والمؤسسات المتدخلة في هذا المجال.

وحسب بلاغ صحفي، تندرج هاته الندوة في سياق النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة، والذي شكل الرسالة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمّد السادس نصره الله إلى المشاركين في أشغال المؤتمر الإسلامي الخامس للوزراء المكلفين بالطفولة بتاريخ 21 فبراير 2018، ومنطلقا أساسيا للتفكير في مداخل هذا الإصلاح، باستحضار ما واكب التجربة العملية لتطبيق هذا النص من صعوبات، وما أبانت عنه من نقائص، حيث عبر جلالته عن هذا الأمر في الرسالة السابقة بما يلي: “…عملنا على تعزيز تماسك الأسرة، من خلال اعتماد مدونة متقدمة للأسرة، تراعي المصلحة الفضلى للطفل وتصون حقوقه، في كل الظروف والأحوال، داعين إلى مواكبتها بالتقييم والتقويم، لمعالجة النقائص التي أبانت عنها التجربة”.

وأشار البلاغ، إلى أنه “إذا كان تطبيق نصوص مدونة الأسرة، التي مر على دخولها حيز التنفيذ ما يزيد عن 14 سنة، يفرض وقفة تأمل لرصد المكتسبات، وتقييم مسار التجربة بغية تحديد مداخل الإصلاح المنشود، فإن الرهان معقود على تبني قراءة تستحضر أبعاد وآثار هذا التطبيق بدول الاستقبال، ذلك أن معيار نجاح أي نص مثل قانون الأسرة لا يتوقف بالضرورة على ملامسته للإشكالات ذات الطبيعة الوطنية، بل بقدرته على الانسجام والصمود أمام أي اختبار لمقتضياته داخل الأنظمة القانونية الأجنبية”. مشيرا إلى أن السمة الأساسية التي طبعت مقتضيات مدونة الأسرة ذات الصلة بالمغاربة المقيمين في الخارج تصب في إطار فلسفة التيسير، وتبسيط الإجراءات ورفع الحرج.

وأضاف البلاغ، على أنه ومن ذلك المنطلق، “لم يكن صدفة اختيار موضوع هذه الندوة الذي يقارب قانون الأسرة المغربي على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية، وهي مزاوجة تروم، من جهة، استحضار آفاق تطبيق هذا النص في الخارج، وقدرته على الصمود، ومن جهة أخرى، الكشف عن موقف القضاء المغربي بخصوص آثار الأحكام الصادرة عن محاكم وسلطات دول الاستقبال الإدارية في المادة الأسرية”. 

هذا، واستحضر المنظمون في بلاغهم، دور الاتفاقيات ذات الصلة بالميدان الأسري في إيجاد حلول لبعض الإشكالات المستعصية، والتوفيق بين مختلف الأنظمة القانونية المتباينة، سواء تلك المبرمة على الصعيد الثنائي، أو المتعددة الأطراف، مشيرين إلى أن اختلاف المرجعية المتحكمة في ميدان الأسرة بين الأنظمة الإسلامية عموما، وبين الأنظمة العلمانية بتبني الأولى لحلول ذات مرجعية دينية عقدية في العديد من المواضيع الأسرية، وباستبعاد الثانية لأي تمييز أساسه ديانة، أو جنس الشخص، وإعطاءها نوعا من التقديس المفرط لمفهوم الحرية الشخصية، وتصورا مثاليا للمساواة بين طرفي العلاقة الأسرية؛ يجعل الأسرة المغربية في دول الاستقبال تعيش تأرجحا بين هاجس الحفاظ على هويتها وثقافتها الوطنية، وسياسة الإدماج والاستيعاب التي تمارسها سلطات بلد الإقامة. 

وفي نفس السياق، فقد ذكر البلاغ، بما شهدته تشريعات القانون الدولي الخاص -خاصة الأوربية- من تطورات في السنوات الأخيرة، والذي ساهم بشكل كبير في التأثير على المجال الذي كان مخصصا في الماضي للقانون الوطني للأجنبي كضابط للإسناد في المادة الأسرية، حيث أكد البلاغ، على أنه شهد تراجعا لافتا لفائدة ضابط الموطن والإقامة الاعتيادية، واتساع رقعة حرية اختيار القانون الواجب التطبيق في هذا النوع من القضايا، أو ما يسمى بسلطان الإرادة. وهو ما يعني تضييق مجال تطبيق قانون الأسرة المغربي على المواطنين المغاربة بالدول المعنية.

وحسب ذات البلاغ، ف”لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل برزت توجهات جديدة للاجتهاد القضائي لدى غالبية الدول الأوربية، عملت على استبعاد الأحكام والعقود الصادرة عن المحاكم المغربية، مستندة في ذلك على مفهوم مشوه لآلية النظام العام الدولي، لا يخلو من نزعة عدائية. حيث ساهم في هذا التحول دخول الدول الأوربية في “معاهدة أمستردام”، ثم تبني عدة تغييرات جوهرية في حقل القانون الدولي الخاص، وذلك بالإقدام على إبرام عدة اتفاقيات في إطار ما سمي ب “بروكسيل1″، و”بروكسيل2″، كما أغنت الاجتهادات الصادرة عن محكمة العدل الأوربية، والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان هذا الفرع القانوني الهام، وكان لها بالغ الأثر على تغيير العديد من توجهات المحاكم الوطنية في الموضوع”. 

وأكد البلاغ، على أن كل تلك المعطيات آثرت بشكل مباشر على قواعد تنازع القوانين، والاختصاص القضائي الدولي، ومفهوم النظام العام الدولي…وأصبحت بعض المبادئ المؤطرة للموضوع، والتي كانت تعد إلى وقت قريب من الأمور الجوهرية، مجالا لتحولات جوهرية في بنيتها وحمولتها القانونية.  

وأمام هذا الوضع، يضيف البلاغ، “على أنه بات لزاما على المشرع المغربي خلق آليات جديدة ونهج سياسة أكثر انفتاحا من أجل التعامل مع الظروف المستجدة، بالشكل الذي يراعي الإكراهات، ويسهم في ضمان استمرار الوضعيات القانونية بشكل انسيابي، ودون عراقيل. وهو ما يتطلب إعادة النظر في المنظومة المتعلقة بآثار الأحكام والعقود الأجنبية، بالشكل الذي يضبط حدود الاعتراف، وحالات إلزامية سلوك مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد