عجز الميزان التجاري الواقع المر لأزمة الفساد وضعف تكوين الموارد

أفاد مكتب الصرف بأن المبادلات الخارجية للمغرب شهدت تفاقما في عجز الميزان التجاري بنسبة 7.6 في المائة خلال الفصل الأول من 2018، وذلك بأكثر من 100.6 مليار درهم مقابل 93.5 مليار درهم سنة قبل ذلك.

وتعليقا على تفاقم عجز الميزان التجاري، أكد المحلل والخبير الإقتصادي عمر الكتاني، للمصدر ميديا، أن الفساد الإقتصادي وضعف الموارد البشرية يضيع على المغرب إمكانيات تحقيق تنافسية إقتصادية قادرة على مجاراة تجارة دول كبرى تتميز بضائعها بالجودة وضعف التكلفة.

واكد الكتاني أن العجز الحاصل في الميزان التجاري، يرتبط في جزء كبير منه بواقع الفساد الإقتصادي الذي تعرفه البلاد، حيث ماتزال مقاولات كبرى تعتمد ” أساليب الرخص بمقابل والرشاوي والعلاوات التي تعطى لبعض المسؤولين”، وهو ما يعني أن الكلفة الحقيقية للإنتاج المغربي “كلفة داخل فيها الفساد”، مقارنة مع السلع الأجنبية التي تلتزم دولها بنوع من التنافسية الحقيقية النزيهة والشفافة.

واوضح الخبير الإقتصادي، على أن ضعف الموارد البشرية المكونة يضع الإقتصاد الوطني في أزمة حقيقية، حيث أن الدول التي لها القدرة على التنافس الإقتصادي تتوفر على كفاءات وقدرات بشرية مكونة مبدعة ومبتكرة، في مقابل تكوين ضعيف جدا ببلادنا يدفع في الغالب إلى إنتصار المنتوجات الأجنبية ذات الجودة العالية والقدرة التنافسية الكبرى.

عجز الميزان التجاري سيؤدي لا محالة إلى تقليص احتياطي العملات الأجنبية، والتي تعتبر أحد اهم مصادر الدخل القومى المغربي، في ظل إختيار المغرب الدخول في سياسة “التعويم الجزئي للدرهم”.

فوفق تصريحات والي بنك المغرب في 20 مارس 2018، حول مخرجات ما بعد تحرير سعر صرف الدرهم، فإن بنك المغرب وفر للبنوك المغربية منذ انطلاق عملية التحرير في منتصف يناير وحتى 12 مارس الماضي، سيولة تُقدر بنحو 240 مليون دولار. في حين تراجع مستوى الاحتياط النقدي من العملات والذهب في المغرب نتيجة الاستعانة بجزء منه في تمويل عجز الميزان التجاري، ودعم صرف قيمة الدرهم في ظل تقلبات أسعار العملات الدولية.

كما تراجعت الاحتياطات النقدية الأجنبية المودعة لدى البنك، بحسب بيانه الصادر في 29 مارس الماضي، لـ 231.7 مليار درهم. وفي المقابل، تحسن سعر صرف الدرهم أمام اليورو بنحو 0.3%، بينما تراجع أمام الدولار بنسبة 0.5%. ومن الأمور التي اعتبرها المصرف المركزي مطمئنة، هو تغطية الاحتياط النقدي نحو 6 أشهر من واردات السلع، لكن على الجانب الآخر فإن نمو الاحتياط في ذاته يبقى ضعيفًا مقارنةً بوتيرة نموه المسجلة عام 2016.

كذلك فقد صعدت إيرادات السياحة بنسبة 32%، وتحويلات المغتربين بنسبة 21%، والتدفقات الاستثمارية المباشرة بنحو 25%، الأمر الذي جعل إيرادات المغرب من العملات الصعبة في يناير تقدر بنحو 11.41 مليار درهم. فيما يتوقع مركزي المغرب، أن يبلغ رصيد المغرب من النقد الأجنبي في العام الحالي 27.93 مليار دولار، الأمر الذي سيساعد على تغطية مشتريات السلع والخدمات لمدة أكبر من 5 أشهر ونصف.

يذكر أن صندوق النقد الدولي كان قد دعى الحكومة المغربية إلى القيام بالمزيد من الإصلاحات الهيكلية للحفاظ على سياساته المالية والنقدية السليمة، تتعلق بسوق الشغل، وتحسين جودة التعليم، وفعالية الإنفاق العمومي، وإدخال المزيد من التحسينات على بيئة الأعمال، وتقوية مشاركة النساء في سوق العمل.

وكان مكتب الصرف، في مذكرة حول المؤشرات الشهرية للمبادلات الخارجية لشهر يونيو 2018، قد أكد أن الواردات بلغت 241.1 مليار درهم، بارتفاع قدره 9.9 في المائة، في حين ارتفعت الصادرات بنسبة 11.6 في المائة لتبلغ 140.5 مليار درهم، مسجلا أن نسبة تغطية الصادرات للواردات بلغت 58.3 في المائة خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية مقابل 57.4 في المائة سنة قبل ذلك.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد