قوارب الموت الوجه الآخر للهروب من جحيم واقع الأزمة الإقتصادية والاجتماعية

“على حْساب الحرية والعيش الكريم”، و”باي باي الحسيمة”، هكذا كرر شاب مغربي العبارتين وهو يوثق بكاميرا هاتفه عملية هجرة أزيد من 12 شابا إلى إسبانيا، عبر قارب للهجرة السرية.

الهجرة السرية التي أصبحت الحلم والوعد المأمول بجنة “الإلدورادو” الذي يخالج أغلب شباب المملكة، ويدفع بالآلاف منهم نحو معانقة قوارب الموت.

محمد بن عيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، كشف للمصدر ميديا، انه من الطبيعي ان يتوجه العديد من الشباب نحو اختيار طريق الهجرة السرية نظرا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي يعيشها المغاربة، والتي تعد عاملا رئيسيا في تحريك رغبات الكثير من الشباب نحو الهجرة طمعا في تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف بن عيسى أن تحسن الوضع الاقتصادي في أوربا بعد الأزمة العالمية، دفع من جديد إلى عودة الحلم بالهجرة ومعانقة التراء وتحسين الأوضاع، في “ظل وضع الاختناق الذي تعيشه بلادنا”.

وضع يزداد سوادا في ظل ارقام رسمية، تكشف عن واقع ازمة غير معلنة ينهل الشباب المغربي منها الحظ الأوفر، تدفع بأغلبهم إلى الإحساس بعدم الأمان والتوجس من المستقبل، ومعانقة قوارب الموت بحثا عن الخلاص.

حيث كشفت نتائج البحث الدائم حول الظرفية الاقتصادية والاجتماعية لدى الأسر، الذي همَّ الفصل الثاني من سنة 2018، عن استمرار التشاؤم بخصوص توقعات البطالة وتكلفة المعيشة والادخار لدى المغاربة، راسما بذلك صورة قاتمة حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لدى معظم المواطنين، بعد إن اعتبرت نسبة %37,5 من الأسر المغربية أن مستواها المعيشي تدهور خلال الأشهر الاثنا عشرة الماضية، فيما اعتبرت نسبة 30,4 في المائة من هذه الأسر عن استقراره، ونسبة31,1 في المائة، قالت بتحسنه.

الأزمة الغير المعلنة، كشف عنها واقع البطالة وخصوصا بطالة حاملي الشهادات الجامعية التي تضاعف 3 مرات خلال السنوات الخمس الماضية، والتي تُمثل ضعف معدل البطالة العامة في البلاد، وتتجاوز حاليا نسبة 22 بالمائة، وهو ما يعني أن حامل الشهادة الذي من المفترض أن يجد منصب شغل محرك لدورة الاقتصاد، أصبح اليوم يشكل مؤشرا لتحريك الأخطار والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وأقرب للبحث عن الهجرة من غيرها بكل الطرق الممكنة.

وكان وزير الداخلية الإسباني فيرناندو غراندي مارلاسكا، قد أكد، الخميس 28 يونيو بالرباط، أن المغرب وإسبانيا سيواصلان تعاونهما “بشكل وثيق” لمواجهة تدفقات الهجرة ومراقبة الحدود، مشددا على أن  “المغرب وإسبانيا واعيان بالظروف الجديدة التي تحكم قضية الهجرة وسيواصلان تعاونهما بشكل وثيق كما فعلا حتى الآن”، مشيرا إلى أن البلدين سيعملان على توفير”الوسائل الضرورية” لضمان مراقبة تدفقات الهجرة…

نداء الاستغاثة الذي رفعه فيرناندو غراندي مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، من أجل إيجاد حل لمشكلة الهجرة، تلاقاه راسل جون كلود جونكير، رئيس المفوضية الأوروبية، بدرو سانشيز، رئيس الحكومة المركزية في مدريد، مبديا قلقه تجاه الموضوع ومعربا عن تفهمه للقلق الإسباني، معلنا عن دعمه لإسبانيا في ملف الهجرة، بتخصيص عشرات ملايين اليوروهات لمساعدتها على استيعاب العدد المتزايد للمهاجرين غير الشرعيين على السواحل الإسبانية، وقال إن “الأوروبيين يتقاسمون مع إسبانيا نفس القلق”.

وحسب أرقام منظمة الهجرة الدولية، فقد وصل إلى السواحل الإسبانية، خلال الشهور المنصرمة من السنة الجارية، حوالي 23 ألف لاجئ بحرا، في حين لقي 307 مهاجرين مصرعهم أثناء محاولة الهجرة.

وبهذه الأرقام تكون إسبانيا قد احتلت مكان إيطاليا كوجهة للمهاجرين، بعد أن استعصى عليهم الوصول إلى الشواطئ الإيطالية؛ وهو ما اضطر الحكومة الاشتراكية الإسبانية، التي يترأسها بيدرو سانشيز، إلى طلب مبلغ 30 مليون يورو من صندوق أوروبي مخصص للجوء والهجرة.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد