الباحثة علالي: 3024 مغربيا بينهم 24 امراة يقبعون في سجون إيطاليا

أكدت مونية علالي الباحثة المغربية في مجال الراديكالية في السجون و مستشارة في مجال الهجرة و اللجوء السياسي و الإنساني بإيطاليا، في حوار خصت به “المصدر ميديا”، أن المساجين المغاربة بإيطاليا بحاجة إلى دعم والتأطير من طرف المختصين، خاصة ان ايطاليا بدورها تفتقر الى الاليات العلمية للنهوض بهذا المجال، كما كشفت عن أرقام مخيفة للمغاربة القابعين خلف السجون، وإهمال السلطات الوصية في المغرب لهذا الملف، اضافة الى مدها لنا بإحصاءيات دقيقة حول واقع السجون وسعي الإعلام الإيطالي لتقديم صورة مشوهة عن المسلمين عبر طرق لا تمت إلى المهنية بشيء، مونية من جانبها تدق ناقوس الخطر من أجل إيجاد حل جدري للمساجين المغاربة ومحاربة التطرف في صفوف البعض من الشباب المهاجر:

1- كيف تصفين لنا واقع الشباب المغربي بايطاليا؟

لا يغيب عن كل متتبع للتطورات بأوروبا عموما و إيطاليا على الخصوص ما تعانيه هذه المجتمعات من أزمة اقتصادية و مادية قد جعلت من الشباب عرضة للبطالة و التهميش و الهدر التعليمي، ويبقى الشباب المغربي جزء من هذا الكل الذي يعاني و يحتضر حتى الآن ضمن نسبة كبيرة من الطاقات التي تترامى بين قصاص البطالة و انعدام التطلعات و الإستثمارات المستقبلية. بلغة الحقيقة المرة، شبابنا ينقصهم التكوين، و التوجيه و الإحتضان فنجدهم فئة مجتمعية هشة تتأثر بكل التيارات المعاصرة و الخطيرة التي تبحث عن نقط ضعف توظفها للاستقطاب و التجنيد.

2- هناك ملفات كثيرة وواقع مرير للمغاربة في السجون الايطالية، قربينا من هذا الملف؟

آخر التصريحات التي تعود الى أواسط سنة 2016 تقول أن العدد الإجمالي للمساجين يإيطاليا هو حوالي 53.725 و عدد المؤسسات السجنية يبلغ 193 مؤسسة. المسلمون منهم و الممارسون للشعائر الدينية، بحيث تدل الظواهر على إسلامهم، هم ما يقارب 5780 سجين. أما المساجين المسلمون عموما بما فيهم الغير ممارسين فعددهم يصل إلى ما يقارب 9.552 من مجموع 18.074 سجين اجنبي ومن ضمنهم 125 إمرأة. يبقى عدد المغاربة من هذا التواجد الإجمالي يقارب 3024 سجين و من بينهم 24 سجينة.

طبعا و مع كامل الأسف داخل هذه المؤسسات ينقص التأطير وبرمجة التدخلات الهادفة و المتخصصة، وأيضا قليلة هي مشاريع الإدماج و المرافقة الموجهة خصوصا الى هذه الفئة المعينة من المواطنين المغاربة، بحيث يبدو أنهم لحد الان في طور النسيان من طرف السلطات المغربية المعنية. اللهم بعض المساهمات التلقائية من بعض الجمعيات التطوعية أو أئمة المساجد و هم قلة و يعدون على رؤوس الأصابع. كل هذا وكما سبقت الإشارة يتم في غياب تأطير فعال للتدخلات داخل السجون و التي يلزمها تكوين متخصص و هادف. وإلا قد تلعب دورا معاكسا لما هو منوط بها أو منتظر منها.

3- استطاعت جماعات ارهابية ان تستقطب مجموعة من الشباب والتغرير بهم من مغاربة ايطاليا، ماهو السبب الكامن وراء ذلك؟ و كيف يمكننا وقاية الشباب من الارهاب سواء داخل السجون او خارجها؟

آخر ما أقرته المصالح التابعة لوزارة العدل في إطار محاربة التطرّف أنها قامت و من خلال مراصد مصالح السجون بإحصاء للمساجين المسلمين الذين يمكن اعتبارهم في خانة المشتبهين بالتطرف ، و ذاك من خلال تصرفاتهم او ما هو بحوزتهم من أمور توحي الى تطرفهم كصور او ملصقات حائطية او مخطوطات وتوصلت الى تواجد حوالي 115 عنصر هم من أصل تونسي و 105 من أصل مغربي و 27 من أصل مصري، تبقى في نظري هذه الإحصائيات من جهة توحي الا ان نسبة المغاربة لا يستهان بها و يجب ان تثير الانتباه قصد التقصي و اتخاذ الإجراءات اللازمة اتجاه ظاهرة خطيرة مثل هذه و التي قد يكون لها وقع مأسوي في المستقبل ان لم تتدارك في الزمان و المكان المناسبين.

ومن جهة اخرى كباحثة متخصصة في الموضوع يمكن أن أضيف أن إدارة السجون الإيطالية نفسها تنقصها الأدوات العلمية و التقنية المتخصصة في هذا النوع من القراءات، بحيث نعلم جيدا ان النازع الديني لدى السجين يرتفع بشكل ملحوظ و هو بين الجدران و قد نجده يخطط و يكتب و يصلي و يصوم ويذكر الله كثيرا و يسبحه و ليس هذا معناه أنه عرضة لأن يصبح متطرفا في المستقبل. الشئ الذي قد يقرؤه موظفو السجون في غيرًمحلله، خصوصا و أنهم لم يخضعوا الى تكوينات متخصصة في موضوع الراديكالية و التطرّف الديني.

وتجدر بي الإشارة هنا أن أتطرق الى مجموعة عمل أنتمي إليها و يتكون أعضائها من طاقات إيطالية مغربية اتخذت من هذا الموضوع تخصصا لها. هذه الأخيرة تتكون من الأستاذ يوسف السباعي والباحث محسن عبد اللطيف و الأستاذة فاطمة مسكر، و يقودها ويؤطرها الأستاذ محمد خالد الغزالي الحاصل على الدكتوراه في موضوع ”الاسلام في السجن”، حيث أننا نعمل ال’ن داخل مشروع ميداني في جهة الفينيتو تحت تأطير ”الفيدر” FIDR- المنتدى العالمي للديمقراطية و الأديان و المؤسس من طرف خمسة من أكبر الجامعات الإيطالية: بادوفا و إنسوبريا و الوطنية لميلانوو بيمونتي أورينتال و الكاثوايكية – مع برمجة مستقبلية على توسيع هذا العمل في جهات اخرى من إيطاليا.

هذا و بالإضافة إلى برنامج متكامل سيبدأ بيوم دراسي بالبرلمان الإيطالي سيخرج به إلى الوجود البرلماني الإيطالي من أصل مغربي خالد شوقي و الذي يصب في نفس الصميم: جميعا ضد التطرف الديني و الراديكالية. كل هذا العمل الجبار الهدف منه هو التعاون مع السلطات الإيطالية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة وتقصي الرؤى المستقبلية لمواجهة الرادكالية و التطرف في السجون و الإشتغال على كيفية استرجاع و إعادة إدماج من أستقطبهم هذا التيار من الشباب، ووضع الأسس لمناهج وقاية متخصصة.

4 – إلى أي مدى ساهم الاعلام الايطالي في ترسيخ الصور النمطية عن الاسلام والمهاجرين؟ والى أي مدى تدخل المجتمع المدني لازاحة هذا اللبس؟

نعرف جيدا ان الاعلام سيف دو حدين اما أن يخدمك و اما أن يكون له توجه سلبي في المسار الذي هو الحقيقة التي نود إبلاغها، و هذا عينه ما يحدث مع الاعلام الايطالي بشأن الاسلام و المهاجرين المسلمين، حيث انه لا يُوصل الرؤيا الواقعية و تبقى المعلومة الصحيحة في حوزة قلة قليلة هي تلك التي تبحث عن الحقيقة ايضا في الواقع، و حتى أكون واقعية و براغماتيكية أقوم بإعطاء نمودج حي لآخر الأحداث و التي تكررت مؤخرا، حيث أنه و بفضل قنوات التواصل الاجتماعي و التبادل المعلوماتي بين الشباب المسلم الايطالي عُلِم ان القنوات الإيطالية التلفزية و المذيعة لبرامج مهمة يتابعها الملايين من المشاهدين بايطاليا تسعى وراء استجواب شباب ملتحون او شابات محجبات، وان لم يجدوا يطلبون من هؤلاء الشباب و الشابات ان يتظاهروا بالأمر مقابل مبالغ مادية مغرية.

و قد انخرطنا جميعا و بتنسيق من الإعلامية المغربية الإيطالية كريمة موال في خلق صفحة للشباب المسلم الإيطالي الذي لديه من الطاقات ما هو اكبر من الحجاب و اللحية لمناهضة هذه الظاهرة التي تريد ان تضع الاسلام داخل اطار مظهري محدود بعيدا عن الحقيقة التي هي أكبر من ذلك. رواد الصفحة الان يتزايدون يوما عن يوم ليحكوا قصص سيرتهم الذاتية التي تدلي أنهم مسلمون و أن إسلامهم يتمثل في مسار حياة اجتماعية غنية و أنهم كذلك إيطاليون بكل ما للكلمة من معنى، كل هذا المراد منه هو مناهضة التواطئ الاعلامي الايطالي المتدني الذي لايفتح مجالا للحقيقة.

أضيف الى هذا فشل البرنامج الذي دعمته القناة الإيطالية راي 3 تحت عنوان “إسلام إيطاليا” ليكون صورة للإسلام الإيطالي، حيث اجتمعت هنا ايضا فئة كبيرة من المثقفين و الأكاديميين المسلمين لبعث رسالة معارضة للامر إلى إدارة التلفزة مطالبة ان ينظم الى فريق العمل على الأقل مهني مكون من الجيل المسلم المتواجد بايطاليا عِوَض إسناده الى صحفي من أصل عبري.

هذا كله إن دل على شئ فإنما يدل على ان وسائل الاعلام في إيطاليا تبقى عاجزة عن فهم الظواهر الجديدة، عجز في الفهم، وآخر في التحليل، إضافة للضعف المعرفي بالظواهر، وعدم التقيد بمعايير التنوع الاخلاقي و الثقافي، في العرض والاستخلاص، ويجب عليها إعادة النظر في السرديات الاعلامية التي باتت تهديدا حقيقيا للمصداقية، وغير مقبولة داخل مجتمع متنوع و مختلف كالمجتمع الحالي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد